تقترب إدارة بايدن من اتخاذ القرار الأكثر أهمية في ولايتها الأولى فيما يتعلق بالوقود الأحفوري. فلنأمل أن تتخذ القرار الصحيح. من المتوقع أن يعلن البيت الأبيض في وقت ما خلال الأسابيع القليلة المقبلة ما إذا كان سيوقف مؤقتاً السماح بإنشاء محطات تصدير جديدة للغاز الطبيعي المسال. لا يبدو هذا أمراً كبيراً حتى تفهم حجم المشكلة. وتعد الولايات المتحدة أكبر مصدر للغاز في العالم، وقد وافقت بالفعل على إنشاء مجموعة من المحطات الجديدة التي بدأ العمل عليها الآن، وسيضيف ذلك 200 مليون طن من القدرة التصديرية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

والأمر المطروح هو ما إذا كانت ستمنح المزيد من التصاريح: إذا حصلت الصناعة على ما تريد، فإن ذلك يعني 300 مليون طن إضافية سنوياً.إن أطنان الغاز الطبيعي المسال ليست إحصائية تعني أي شيء بالنسبة لمعظمنا، لذا قامت «بلومبرج نيوز» بتحليلها هذا الشهر: هذه سعة جديدة من الغاز الطبيعي تكفي «لتزويد نصف مليار منزل بالطاقة». لا يوجد سوى 2.3 مليار منزل على هذا الكوكب. لذا تعد هذه، إلى حد بعيد، أكبر خطة للتوسع في استخدام الوقود الأحفوري على الإطلاق، مما يضمن أن مساحات شاسعة من الأرض ستعتمد لعقود من الزمن على الغاز المستخرج من التكسير الهيدروليكي بدلاً من الشمس والرياح، وهي البدائل الأرخص والأكثر نظافة.

وإليك طريقة أخرى لشرح ذلك: إذا استمر العمل في هذا البناء الضخم على قدم وساق، ففي غضون عقد من الزمن أو نحو ذلك، كما أفاد محلل الطاقة «جيريمي سيمونز» مؤخراً، ستنتج صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية المزيدَ انبعاثات غازات الدفيئة أكثر من كل شيء في قارة أوروبا، أي أكثر من كل سيارة ومصنع ومنزل من أثينا إلى هلسنكي. وكما وجد تحليل حديث أجراه نادي سييرا، فإن البناء الكامل المقترح لمحطات الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يساهم في أزمة المناخ بما يعادل 681 مصنعاً للفحم أو 548 مليون سيارة تعمل بالبنزين كل عام. هذا ليس بالضبط حلاً لمشكلة تغير المناخ. لذا فليس من المستغرب أن يعلن علماء المناخ أنهم سينضمون الشهر المقبل إلى سكان لويزيانا وتكساس، حيث يتم بناء هذه المرافق الضخمة، في أسبوع من العصيان المدني خارج وزارة الطاقة. إنهم يطالبون بإيقاف عملية الترخيص مؤقتاً حتى تتمكن الإدارة من التوصل إلى معايير جديدة لعكس الضرر البيئي الناجم عن جميع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية ومن تأثيراتها على الهواء والماء في لويزيانا.

إذا وافقت إدارة بايدن، نظراً لحجم خطة التوسع هذه، فستمثل الفحص الأكثر تأثيراً للطاقة الكربونية التي قام بها أي رئيس على الإطلاق. وهذا بالطبع هو السبب الذي يجعل صناعة الوقود الأحفوري وحلفاءها في واشنطن يحاربونها بشدة. لديهم بضع الحجج الأساسية. الأولى هي أن الغاز الطبيعي المسال يمثل على نحو ما مستقبلاً أنظف، لأنه من الممكن أن يحل محل الفحم. لكن البيانات الجديدة في الخريف الماضي أوضحت أنه بحلول الوقت الذي يتم فيه شحن الغاز الطبيعي المسال إلى الخارج في سفن غير محكمة تُحدِث تسريباً، فإن غاز الميثان المنبعث في الغلاف الجوي يجعله أسوأ بشكل واضح بالنسبة للمناخ من الفحم.

وفي كل الأحوال، لم يعد الفحم هو المنافس: ففي آسيا، يتنافس الغاز الطبيعي المسال في الأساس مع الشمس والرياح اللتين انخفضت تكاليفهما بنسبة 90% منذ وضعت وزارة الطاقة معاييرها للموافقة على هذه المرافق. والحجة الثانية هي أن صناعة الغاز الطبيعي المسال مفيدة للولايات المتحدة إلى حد ما، فهي في الواقع تنتج أرباحاً للشركات، مثل إكسون موبيل، التي تسيطر على حقول التكسير الهيدروليكي. لكن تصدير الغاز يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للأميركيين الذين ما زالوا يعتمدون عليه في الطهي والتدفئة. وكما أشارت إدارة معلومات الطاقة التابعة للحكومة في شهر مايو، فإن «ارتفاع صادرات الغاز الطبيعي المسال يؤدي إلى ضغوط تصاعدية على أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.. وانخفاض صادرات الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة يؤدي إلى ضغوط هبوطية».

وعندما اضطرت إحدى منشآت التصدير إلى الإغلاق بعد أن اشتعلت فيها النيران في يونيو 2022، انخفض سعر الجملة للغاز محلياً بمقدار الثلث. لذا، فإن إيقاف أعمال البناء الجديدة مؤقتاً سيشكل خطوة فعالة للحد من التضخم، وهو ما قد يساعد في تفسير استطلاعات الرأي التي تظهر أن الأميركيين يكرهون صادرات الغاز. لا أحد من الأميركيين يريد أن يتم التكسير الهيدروليكي لدولته فقط لتوفير الغاز الرخيص للصين. والحجة الأخيرة هي أن صادرات الغاز الطبيعي المسال ضرورية لدعم حلفائنا، وخاصة في أعقاب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

والحقيقة أن الغاز الأميركي ساعد في سد الثغرة عندما أصبح الغاز الروسي غير متوفر في الشتاء الماضي، مما يثبت أننا نمتلك بالفعل ما يكفي من القدرة. والحقيقة أن أوروبا غارقة في الغاز حالياً، كما تشهد الأسعار المنخفضة هناك. ويوضح معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي أن الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي سينخفض بشكل مطرد في السنوات المقبلة، لأن القارة، في أعقاب العملية العسكرية الروسية، كثفت بشكل كبير تحولها إلى مصادر الطاقة المتجددة.

وفي الواقع، يجب على أي شخص يشعر بالقلق بشأن موقفنا مع حلفائنا أن يتذكر أنه في الشهر الماضي فقط في دبي، وقعت الولايات المتحدة على اتفاق يعلن أن الوقت قد حان «للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري». لا يوجد تعريف محتمل لهذه العبارة يتوافق مع البناء الهائل لقدرة تصدير الغاز الطبيعي المسال. إذا لم يبذل الرئيس بايدن ما في وسعه لوقف هذا التوسع، فمن الواضح أن تلك كانت مجرد كلمات على الورق. 

بن جيور*

*المدير التنفيذي لنادي سييرا ،

بيل ماكيبين**

**عالم بيئة أميركي كتب بإسهاب عن تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»