في أكتوبر 2023، طلب الرئيس جو بايدن من الكونجرس الأميركي الموافقة على حزمة مساعدات بقيمة 90 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان وأمن الحدود. وفي فبراير 2024، وافق مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون يتضمن معظم طلبات البيت الأبيض. غير أن مجلس النواب ورئيسه الجديد مايك جونسون رفضَا النظر في مشروع القانون على الرغم من النداءات اليائسة على نحو متزايد التي تصدر عن القادة الأوكرانيين والتي تفيد بأن مخزون أوكرانيا من الذخيرة وصواريخ أرض جو للحماية من هجوم روسي جديد أخذت تنفد فعلياً. وقد عارض جونسون لفترة طويلة تسليم كميات كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا. ومن جانبهم، هدّد زملاؤه من اليمين المتشدد بـ«إخلاء» منصبه كرئيس لمجلس النواب إذا ما رضخ لضغوط أعضاء الكونجرس والبيت الأبيض المؤيدين لأوكرانيا. 
جونسون لديه آراء محافظة قوية ويصف نفسه بأنه مسيحي إنجيلي مخْلص، كما أنه يؤيد قوانين أكثر حزماً وصرامةً ضد الإجهاض، وينتقد الأجندة التقدمية لإدارة بايدن. غير أنه يقول أيضاً إنه «جمهوري» متأثر بأنصار مذهب ريجان. وللتذكير، كان ريجان محافظاً يؤمن بأن الاتحاد السوفييتي «إمبراطورية شر». ولئن أصبح ريجان، في نهاية المطاف، صديقاً للزعيم الإصلاحي ميخائيل غورباتشوف الذي كان آخر رئيس للاتحاد السوفييتي، فإنه فعل ذلك من موقع قوة وإيمان راسخ بأهمية التحالف الغربي.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، تخلّى رئيس مجلس النواب جونسون عن معارضته السابقة لتقديم مساعدات لأوكرانيا، ويعزى ذلك جزئياً إلى أنه كان يتلقى، باعتباره رئيساً لمجلس النواب، إحاطاتٍ مِن قبل مجتمع الاستخبارات الأميركية، بما في ذلك ويليام بيرنز مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية الذي يحظى باحترام كبير، بشأن العواقب الكارثية على الغرب في حال تعرضت أوكرانيا لاجتياح مِن قبل الجيش الروسي. وهكذا، وافق جونسون أخيراً على السماح لأعضاء مجلس النواب بالتصويت لصالح مخصصات جديدة لحلفاء الولايات المتحدة، وخاصة أوكرانيا، وبذلك لاقى استحساناً وإشادةً واسعين من «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» الذين لا يرغبون في رؤية روسيا تنتصر في حرب أوكرانيا.
وفي يوم الـ20 أبريل الجاري، وافق مجلس النواب على حزمة مساعدات بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، وأُرسلت مشاريع القوانين الجديدة إلى مجلس الشيوخ الأميركي، وقد وافق عليها هذا الأسبوع، وبعد ذلك وقّع عليها بايدن، أول أمس الأربعاء، لتصبح قانوناً. وبشكل فوري تقريباً، ستتدفق أسلحة أميركية جديدة على أوكرانيا.
وفي الوقت الراهن، أضحى جونسون بطلاً في أعين الكثيرين من كلا الحزبين السياسيين، غير أن أقليةً صغيرةً من جمهوريي «أميركا أولاً» تعهدت بعزله من منصبه. هذا الأمر مستبعد على اعتبار أن عدداً من الديمقراطيين سيصوّتون مع الجمهوريين لإنقاذ منصبه، لكنه سيوصم بعد ذلك بأنه «دمية» في يد الديمقراطيين. بيد أن المثير للسخرية هو أن أتباع تيار «أميركا أولاً» هم من يُسمون «دمية روسيا» بسبب ترديدهم المستمر للدعاية الروسية ضد أوكرانيا. ومن أشد المنتقدين لجونسون عضو الكونجرس مارجوري تايلور غرين (من ولاية جورجيا)، والتي تَظهر بشكل مستمر على شاشة التلفزيون الروسي باعتبارها صوتَ الحكمة في معارضة المساعدات الأميركية لأوكرانيا. لكن غرين باتت الآن هدفاً لبعض الجمهوريين المهمين بمن فيهم عملاق الصحف روبرت مردوخ، الذي نشرت صحيفته المؤثّرة «نيويورك ديلي نيوز» صورةً لغرين وهي ترتدي زياً روسياً مكتوب عليه «مارجوري موسكو».
وختاماً، يمكن القول، إنه إذا كان من شأن شحنات جديدة من الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا أن تدفع أوروبا إلى زيادة شحنات الأسلحة من جانبها هي أيضاً، فقد يتسنى احتواء القوات الروسية، وستكون أوكرانيا على الأقل في موقف أقوى للموافقة على مفاوضات حول وقف إطلاق النار. كما قد تصبح قادرةً على استئناف مزيد من العمليات الهجومية. وإذا أمكن التوصل إلى تسوية معينة مع روسيا في نهاية المطاف، فستكون أوكرانيا في وضع أفضل لتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي وزيادة احتمالات انضمامها إلى حلف «الناتو» في المستقبل.
ولا شك في أنه إذا حدث ذلك، فإن الدور المحوري لرئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون سيُدوَّن في كتب التاريخ.

*مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونال إنترست» - واشنطن