فيما يشير إلى تكثيف دولة الإمارات جهودها لتعزيز تجارتها الخارجية وتطوير آفاق التعاون مع شركائها التجاريين والتوجُّه نحو التوسُّع في أسواق جديدة، شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، يومي 17و18 أبريل 2024 عبر تقنية الاتصال المرئي، توقيع اتفاقيتين للشراكة الاقتصادية الشاملة مع كل من جمهورية كوستاريكا وجمهورية كولومبيا، وذلك في إطار جهود الإمارات لبناء جسور الصداقة والتعاون مع دول العالم لتعزيز آفاق النمو المستدام للأجيال القادمة، وبما يدعم مستهدفات الإمارات لمضاعفة قيمة تجارتها الخارجية غير النفطية وصولاً إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031.
وتتمثل أهمية اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أبرمتها الإمارات مع كوستاريكا في إتاحة نسبة نفاذ عالية للمنتجات الإماراتية إلى سوق كوستاريكا، بحيث يتم منح 98% من الصادرات الإماراتية إعفاءً أو تخفيضاً للرسوم الجمركية المقررة على واردات كوستاريكا، مع تعزيز وصول مزودي الخدمات بالإمارات إلى سوق كوستاريكا في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الأعمال التجارية والتعليم والبيئة والخدمات المالية والرعاية الصحة والاجتماعية والسياحة والسفر والخدمات الترفيهية والثقافة والرياضة والنقل والاتصالات، وغيرها.
والجدير بالذكر أن قيمة التجارة الثنائية غير النفطية بين الإمارات وكوستاريكا بلغت نحو 65 مليون دولار في عام 2023 وبزيادة نسبتها 7% عن عام 2022. ومن المتوقع أن تضيف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أبرمتها الإمارات مع كوستاريكا نحو 46 مليون دولار للناتج المحلي الإجمالي للإمارات سنوياً بحلول عام 2031 مقابل 44 مليون دولار سنوياً للناتج المحلي الإجمالي لكوستاريكا، مع زيادة الصادرات الإماراتية المباشرة إلى كوستاريكا حتى عام 2031 إلى 81 مليون دولار، وزيادة نظيرتها الكوستاريكية إلى 134 مليون دولار خلال الفترة نفسها، فضلًا عن الدفع بفرص التعاون بينهما في قطاعات الخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة والطيران والسياحة والبنية التحتية، بما يسهم في تعزيز آفاق النمو والتنمية لدى الطرفين.
وعلى صعيد آخر، جاءت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وكولومبيا كمحطة مهمة في تطوير العلاقات بين الدولتين لتعزيز العلاقات الثنائية التي تنامت بشكل لافت للنظر في السنوات الأخيرة، إذ بلغت تجارتهما البينية غير النفطية 553.1 مليون دولار في عام 2023، بزيادة تقدر بنحو 43% مقارنة بعام 2022 وأكثر من ضعف الإجمالي المحقق في عام 2021. ومن شأن تلك الاتفاقية الإسهام في مضاعفة هذه الأرقام خلال خمس سنوات بعد بدء تطبيقها، مع الاستفادة من خفض التعريفات الجمركية وإزالة الحواجز التجارية وتحسين وصول الصادرات السلعية والخدمية إلى الأسواق في الجانبين.
وفي الواقع، فإن حزمة الاتفاقيات التي أبرمتها دولة الإمارات مؤخراً تأتي ضمن برنامجها للشراكات الاقتصادية الشاملة الذي أطلقته الحكومة في سبتمبر 2021، بهدف توسيع الشراكات التجارية والاستثمارية مع الأسواق الاستراتيجية، إذ وقعت الإمارات نحو 10 اتفاقيات مع دول في أربع قارات خلال الفترة (2021-2023)، وذلك في إطار استهدافها إبرام اتفاقيات مماثلة مع 27 دولة وتكتلاً اقتصادياً، بما يشمل 103 دول تمثل حصتها نحو 95% من التجارة العالمية، ما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات في 2031 بما قيمته 41.7 مليار دولار، ونمو صادراتها بنسبة 33% إلى نحو 100.3 مليار دولار، مع جذب الاستثمارات إليها في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المالية والسياحة وغيرها، ما يعزز الجهود المستمرة للإمارات في اتجاه توسيع قاعدة الشراكات الاقتصادية مع مختلف دول العالم، وذلك على النحو الذي يحقق أهداف استراتيجية الدولة في مجال التنويع الاقتصادي وتعزيز عملية التنمية المستدامة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية