استمراراً لجهود دولة الإمارات في خدمة قضايا البيئة والتغيُّر المناخي والتحول الطاقي، تستضيف شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، فعاليات «القمة العالمية لطاقة المستقبل»، التي تُقام في مركز «أدنيك» بالعاصمة أبوظبي خلال الفترة من 16 إلى 18 أبريل 2024، وهي الملتقى العالمي الأبرز في مجال الطاقة المستقبلية، والتكنولوجيا النظيفة، والاستدامة. تُعد القمة من أهم الفعاليات العالمية التي تستهدف تعزيز الأولويات والالتزامات في قطاع الطاقة عالمياً، باعتبار القمة المنصة الرائدة التي تعمل على تشكيل وتعزيز التطور الفكري والمؤسسي الذي يقدم الحلول العلمية والعملية المتعلقة بتحويل أنظمة الطاقة المستقبلية.

تمثِّل استضافة دولة الإمارات لهذا الحدث السنوي تعزيزاً لقدرة الدولة على توفير منصة عالمية تضم الخبراء والمتخصصين والمهتمين بتقديم الرؤى المستقبلية الاستشرافية التي تُسهم في مواجهة التحديات البيئية وما يترتب عليها من تكاليف اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة. وتتميز هذه القمة بكونها تأتي في أعقاب استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، وبالتالي يمكن للقمة أن تكون منصةً لوضع بعض مخرجات المؤتمر محل التنفيذ.

وتناقش القمة العالمية لطاقة المستقبل موضوعات تتعلق ببعض القطاعات كالبيئة والمناخ، والمدن الذكية، والطاقة النظيفة، والمياه، وإدارة النفايات، والطاقة الشمسية. ويُذكر أن القمةَ في دورتها السابقة سجلت أرقاماً قياسية، ومن المتوقع أن تشهد الدورة الحالية لها مشاركةً واسعةً مِن قبل الجمهور والجهات العارضة. وضمن فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل استضافت «مصدر» أمس الدورة الثانية لقمة الهيدروجين الأخضر، تحت عنوان «بناء اقتصاد الهيدروجين: من الحوار إلى الواقع»، والتي ركزت على تسريع وتيرة تطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر عالميّاً بهدف دعم عملية التحوُّل في قطاع الطاقة.

وقد جمعت هذه القمة مشاركين من القطاعين العام والخاص، بدءاً من صناع السياسات وقادة القطاعات، وصولاً إلى المستثمرين المنفتحين على الخيارات الجديدة ورواد الأعمال.. وناقشت العديد من القضايا الحيوية، منها تطوير اقتصادات الهيدروجين الأخضر في آسيا والولايات المتحدة وأوروبا، والقطاعات التي يصعب تخفيف الانبعاثات منها، مثل الطيران والشحن والصناعات الثقيلة. والجدير بالذكر أن «مصدر»، ومنذ تأسيسها في عام 2006، جسَّدت الرؤيةَ الاستشرافيةَ لدولة الإمارات في قطاع الطاقة وتنويع مصادرها والإحلال التدريجي لمصادر الطاقة الجديدة في مزيج الطاقة، مما يمثِّل أحد أهم محاور التنويع الاقتصادي، والتنمية المستدامة في الإمارات. ونتح عن تلك الرؤية نشاط «مصدر» في أكثر من 40 دولة، حيث تجاوزت قيمة استثماراتها في مشروعات الطاقة النظيفة حول العالم 30 مليار دولار، وبطاقة إنتاجية تقدر بنحو 20 جيجاوات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية تسهم في الحد من الانبعاثات الكربونية بأكثر من 30 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، أي ما يعادل إزالة عادم نحو 6.5 مليون سيارة.

ومما لا شك فيه أن التحليل المتعمق لجهود دولة الإمارات في احتضان الفعاليات الكبرى في مجال الطاقة، يكشف عن رؤية استراتيجية أعمق وأشمل في مجال التصدي الفاعل للتغيرات المناخية، ومن أبرز مظاهر هذه الرؤية، استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050 والتي تم إطلاقها عام 2021 والهادفة إلى خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 40% بحلول 2030، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وذلك من خلال 25 برنامجاً في قطاعات رئيسة هي الطاقة والصناعة والنقل والبناء والنفايات والزراعة. وتركز هذه البرامج على تحسين كفاءة نشر مصادر الطاقة المتجددة في جميع القطاعات المذكورة، كما تعمل على زيادة نسبة الطاقة النظيفة ورفع كفاءة الاستهلاك والتحول إلى أنظمة النقل المستدام، والمباني الخضراء.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.