تتبنى دولةُ الإمارات سياسةً واضحةً ترتكز على أهمية بناء السلام وترسيخ الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، من منطلق إدراك القيادة الرشيدة أن السلام والتنمية وجهان لعملة واحدة، وأن لدولة الإمارات دوراً مسؤولاً في نشر السلام والازدهار على جميع الأصعدة، بوصفها دولة تسامح وركيزة استقرار في منطقتها والعالم.
وتولي دولة الإمارات في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أهميةً خاصة لعملية الاستقرار الإقليمي، في ظل ما تعانيه منطقة الشرق الأوسط من أسباب كثيرة للتوتر والصراع، وهي تعمل بشكل متواصل على تهدئة التوترات الإقليمية وتوفير الفرص المناسبة لتسوية النزاعات من خلال سلسلة من المساعي الدبلوماسية والجهود الإنسانية، وتلقى هذه الجهود تقديراً كبيراً على الصعيد الدولي ومن قبل المنظمات المعنية.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة الراسخة، تأتي التحركات النشطة لدولة الإمارات في الفترة الأخيرة الرامية إلى المساهمة في تهدئة الصراعات والأزمات المتفجرة في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعد التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، بهدف نزع فتيل التوتر والأزمات، من خلال الحوار وعبر القنوات الدبلوماسية وفي المحافل الدولية. وفور وقوع الهجوم الإيراني غير المسبوق على إسرائيل، مساء يوم السبت الماضي، سارعت الإمارات إلى بذل الكثير من الجهود للحيلولة دون تفاقم الأوضاع. فعلى مستوى القيادة العليا أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، 3 اتصالات هاتفية مع كل من الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، حيث بحث سموه مع قادة الدول العربية الشقيقة، الأوضاعَ في منطقة الشرق الأوسط وتطورات الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة العمل من أجل مَنع توسيع الصراع في المنطقة وتجنيبها تبعات أزمات جديدة، إلى جانب إيجاد أفق سياسي للسلام العادل والشامل والدائم فيما يخص ملف القضية الفلسطينية على أساس «حل الدولتين»، الذي يضمن الاستقرار والأمن للجميع.
أمَّا على مستوى وزارة الخارجية، فقد أعربت دولة الإمارات في بيان لها عن قلقها البالغ تجاه التطورات التي شهدتها المنطقة خلال الأيام الماضية، ودعت إلى وقف التصعيد وعدم اتخاذ أي خطوات تؤدي إلى حدوث المزيد من التوتر، وحل الخلافات من خلال آليات الحوار السلمي وعبر القنوات الدبلوماسية، وإلى التمسك بسيادة القانون واحترام ميثاق الأمم المتحدة، كما طالبت دولةُ الإمارات الأممَ المتحدةَ ومجلسَ الأمن الدولي بالاضطلاع بمسؤولياتهما في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، عبر حل القضايا والصراعات المزمنة في المنطقة والتي باتت تهدد الأمن والاستقرار الدوليين.
ومن خلال ما سبق يتضح جلياً مدى إيمان دولة الإمارات بالعمل الدبلوماسي كسبيل أمثل لحل النزاعات وتجنب الصراعات المسلحة، وهي في سبيل ذلك تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على الأهمية الخاصة لبناء جسور الثقة وتحقيق التفاهم المشترك من خلال الحوار المباشر بين الأطراف المتنازعة، كما يتضح مدى إيمان الإمارات بالأهمية القصوى للاستقرار الإقليمي وضرورة العمل بجدية على تعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المتنازعة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات، ومنذ تأسيسها، قد قامت بالعديد من الأدوار الدبلوماسية الفاعلة والنشطة لحفظ وتعزيز السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، حيث توسطت من أجل حل الخلافات بين كثير من الدول في العديد من ملفات النزاع، ودعمت قضايا الحق والعدل. وقد تعزز هذا الدور مع تنامي المكانة الإقليمية والدولية للإمارات، وهو دور يعكس مجموعةً من الدلالات المهمة، أبرزها الثقة الدولية الواسعة في حكمة القيادة الرشيدة، ورغبتها الجادة في تحقيق السلام والاستقرار، وهو ما يجعلها وسيطاً نزيهاً بين مختلف الأطراف.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية