يومان، وتحل علينا ذكرى وفاة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله رحمة واسعة في شهر الغفران. حتى بعد رحيله، يظل المغفور له الشيخ حمدان بن راشد على مكانته، عميداً لأسرة آل مكتوم الكرام.. كان فقده علينا أليماً، والفراغ الذي تركه عبر عنه المقربون منه بعد العودة إلى المجلس من بعده. 
أقول كلمة عن طبيعة مجالس حُكام الإمارات، التي وجدتها في رمضان أنشط من مملكة النحل، مقارنة ببقية شهور السنة، خاصة مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي تشرفت بحضور الكثير من المحاضرات القيّمة التي كانت تقام في قصره بالبطين، وكانت حقيقة منارة يشار إليها بالبنان، وأيضاً مجالس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأبرزها اللقاء الرمضاني مع رجالات الإعلام بصورة لم تتوقف حتى اللحظة.
أعود للحديث عن الشيخ حمدان بن راشد في رمضان الذي كان يلتقي الناس على مائدة الإفطار، ومائدة ما بعد صلاة التراويح، التي نسميها «الغبقة»، وكأن معناها مستل من «غبوق» الوالدين في شدة الحرص على إطعامهما، وكذلك يستمر اللقاء متواصلاً حتى وقت مائدة السحور، وهذا كان دأبه، رحمه الله، وحرصه على لقاء الناس في كل الأوقات، وقد تشرفت أن أكون من الملازمين لهذه السُنة الحسنة طوال أكثر من عشر سنوات متعاقبات. 
كان حديثه على موائده العامرة مع أصحابه وأصدقائه ورفقاء دربه، عن كيفية المحافظة على صحتهم في هذا الشهر الفضيل، وضرورة عدم التفريط بها، بل الحرص على الوقاية من الأمراض أطوال فترة ممكنة. 
علّق أحد المقربين منه مرة، بأنه يحرص على ممارسة رياضة المشي كل يوم قبل الإفطار، ويشعر وهو صائم بأن لديه طاقة إضافية لا يشعر بها في معظم أيام العام. 
وعقّب على هذا الحديث أحد كبار الأطباء بمستشفى راشد، موجهاً حديثه للمغفور له الشيخ راشد قائلاً: طال عمرك، إني عائد للتو من دورة تدريبية في أميركا متخصصة في وضع جداول لكبار السن غير القادرين على ممارسة رياضة المشي، عبارة عن الصوم، وفقاً لتعاليم ديننا الحنيف، لأنه ثبت لديهم بأن الصيام يقوم مقام المشي لغير المقتدر عليه، فهو برنامج معتمد في أرقى المستشفيات الأميركية. 
لقد كان الشيخ حمدان بن راشد، رحمه الله، يمارس رياضة الدراجات الهوائية في قصره في وقت مخصص لذلك، لمسافة 14 كيلومتراً في الجولة الواحدة يومياً. وكان إذا انتقى شيئاً من الطعام أمام ضيوفه، أوصاهم بتناوله معه، إما لجودته، أو لسبب ما يقوم بشرحه فوائده، تشجيعاً لهم، وكسراً لخجل الموقف بين يديه. 
أذكر أنه تناول حبة من «المانجو» صغيرة الحجم نسبياً عما هو معروف عن حجمه المعتاد، ثم دعا الجميع لتجربة فريدة في تذوقه، مقارنة بما هو متاح في الأسواق !
ترى ما السر في تلك النضرة، هو أنه من غراس قصره ونمت على عينه وبين يديه، عندما بدأ الحضور بتجربته، استدرك سموه قائلاً: إن في قصري هنا 17 نوعاً من «المانجو» ما نطلق عليه بـ «الهمبا» محلياً! 
بعد الانتهاء من وجبة «السحور»، يتناول أدويته قبل أن يقوم من مقامه، ولأهمية ذلك للحفاظ على صحته يوصي الحضور بعدم تأخير تناول الأدوية عن وقتها حتى لا يقعوا في مضاعفات المرض، حيث قال، رحمه الله: كنت في سفر بمهمة رسمية، وبعد أن أقلعت الطائرة تذكرت أني نسيت أخذ أدويتي الضرورية معي، فأمرت القائد للعودة إلى المطار، لاصطحاب الأدوية التي قد لا تتوفر في الدولة التي في صدد زيارتي لها، فالصحة، الصحة، فهي لا عوض لها، لذا قيل في المثل الغربي: «الصحة هي الثروة الحقيقية للإنسان».
*كاتب إماراتي