أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه عن حالة الاتحاد السنوي، في السابع من مارس الجاري، أمام جلسة مشتركة للكونجرس، أن الجيش الأميركي سيبني ميناءً مؤقتاً على ساحل قطاع غزة على البحر المتوسط لاستقبال المساعدات الإنسانية عن طريق البحر، بعد أن دعا إلى «وقف فوري لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع» بين إسرائيل وحركة «حماس». وذكر بايدن أن هذه الحرب تسببت في خسائر فادحة في صفوف المدنيين الأبرياء أكثر من كل الحروب التي وقعت في غزة، حيث قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، معظمهم لا ينتمون لـ«حماس»، وبينهم آلاف النساء والأطفال، وقال: إن «أكثر من مليوني فلسطيني آخرين يعيشون تحت القصف أو نازحين، حيث دمرت المنازل وأصبحت الأحياء والمدن في حالة خراب.. والعائلات بلا طعام ولا ماء ولا دواء»، واصفاً ما يحدث بـ«الأمر المفجع» وقائلاً: إنه «لا يمكن لإسرائيل أن تستخدم المساعدات ورقة مساومة»، مشيراً إلى أن واشنطن تقود جهوداً دوليةً لإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأثار إعلانُ الرئيس الأميركي عن إنشاء الميناء المؤقت الكثيرَ من التساؤلات حول أهداف الخطوة الأميركية والجدوى من إقامة الميناء في ظل وجود معابر برية، خاصة بعد أن أعلنت واشنطن أنها تعمل بشكل وثيق مع الإسرائيليين لتنفيذ الخطّة، لكنها لم تحدّد ما إن كانت إسرائيل ستقدم دعماً مباشراً لبناء الرصيف وتشغيله أم لا. إسرائيل من جهتها رحبت بالمشروع الأميركي وأكدت أنها ستنسق مع واشنطن لتطويره، وأنها ستدعمه بالكامل، وأعلن البنتاغون أن بناءَ المنصة سيكتمل خلال أسابيع قليلة، وأن الجنود الأميركيين الذين سيبلغ عددهم ألفاً، لن يتمركزوا على أراضي قطاع غزة. فهل يأتي الاقتراح الأميركي لامتصاص الانتقادات الداخلية والدولية للسياسة الأميركية تجاه إسرائيل بعد تفاقم الأوضاع الكارثية، أم أن الاقتراح يندرج ضمن استراتيجية ترتيب الأوضاع في غزة لما بعد الحرب؟

منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيجريد كاج، قالت: إن «الجو والبحر ليسا بديلين عن البر ولا يمكن أن يقول أحد خلاف ذلك»، كما شكك المقرر الأممي المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، في مقترحَ بايدن، لافتاً إلى أن واشنطن تقدم في الوقت ذاته القنابل والذخائر والدعم المالي لتل أبيب.

إنشاء ميناء مؤقت يحتاج إلى أسابيع، بينما يحتاج سكان غزة مساعداتٍ عاجلةً، وأنه يمكن لواشنطن ببساطة استخدام نفوذها لدفع إسرائيل نحو رفع الحصار عن القطاع والسماح بدخول المساعدات دون عوائق عبر معبر رفح من مصر ومعبر كرم أبو سالم من إسرائيل نفسها. اليوم تتسابق الدول والمنظمات المختصة من أجل إرسال المساعدات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة عبر الإنزال الجوي أو الشحن البحري. وما تزال خطوات مشروع ميناء غزة المؤقت في البداية، ولا تزال هناك تفاصيل حول إدارة المشروع ومدته الزمنية والتحديات اللوجستية والأمنية التي تواجهه.. إلا أن الأولوية ستبقى لإيصال المساعدات الإغاثية، الطبية والغذائية العاجلة، لقطاع غزة.

*كاتبة إماراتية