تواصلت في محكمة العدل الدولية في لاهاي منذ 17 من فبراير جلسات المرافعات الشفوية حول الممارسات الإسرائيلية بحق الأراضي الفلسطينية، قدم فيها ممثلون من 52 دولة مرافعات شفهيةً وإفادات مكتوبة حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية. وتتضمن قائمة الدول كلاً من مصر والسعودية ودولة الإمارات، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين. وسمحت المحكمة لثلاث منظمات إقليمية بتقديم إفادتها حول القضية، وهي الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي.

ويأتي عقد هذه الجلسات بعد قرارٍ سابقٍ للجمعية العامة للأمم المتحدة صدر في ديسمبر 2022 يطلب من محكمة العدل الدولية أن تصدر الرأي الاستشاري القانوني في مسألتين: الأولى تتعلق بالآثار القانونية لـ«الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير»، وتحديداً «احتلالها الطويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 واستيطانها وضمّها لها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها». أما المسألة الثانية فتتصل بكيفية تأثير ممارسات إسرائيل «على الوضع القانوني للاحتلال» وتداعياتها على الأمم المتحدة والدول الأخرى. وقدمت إسرائيلُ إفادتَها مكتوبةً لمحكمة العدل الدولية، حيث ركزت على أن السؤالين اللذين طرحهما قرار الجمعية العامة على المحكمة يمثلان تشويها واضحاً لتاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وواقعه الحالي.

وبدأت جلسات الاستماع بمرافعة شفهية لوزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أكد فيها ضرورة «إعلان أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني»، وعلى أنه «يجب أن ينتهي فوراً وبشكل كامل ودون قيد أو شرط»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «الأحداث الحالية تظل أكبر اختبار لمصداقية النظام العالمي القائم على القانون». وقدمت مصر إفادة مكتوبة ومرافعة شفهية أكدت فيها «مخالفة الممارسات الإسرائيلية لأحكام القانون الدولي في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة».

أما ممثل جنوب أفريقيا فأكد أن «الرأي الاستشاري للمحكمة من الممكن أن يكون مفيداً في الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية لقضية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية». ودعت دولة الإمارات في مرافعتها الشفهية التي ألقتها السفيرة لانا نسيبة، مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، إلى الالتزام بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحل الدولتين قائلةً: «مرت 56 عاماً على احتلال إسرائيل للضفة الغربية، بما يتضمن القدس الشرقية، وقطاع غزة، حيث شكلت معالمها الانتهاكات الجسيمة والمستمرة التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني».

أما الولايات المتحدة فدعت في مرافعتها أمام محكمة العدل الدولية إلى أخذ مخاوف إسرائيل الأمنية بعين الاعتبار عند إصدار رأي المحكمة، وشككت في اختصاص محكمة العدل الدولية في نظر هذه القضية برمتها. ورغم أن جلسات الاستماع الحالية ربما لا يكون لها تأثير مباشر على قرار المحكمة بشأن القضية المرفوعة من دولة جنوب أفريقيا، والتي تتهم إسرائيل بـ«ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتمييز عنصري ضد الفلسطينيين خلال حرب غزة»، فإن القرار الاستشاري إذا صدر قبل البت في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل سيدعم موقف جنوب أفريقيا والدول الداعمة له وسيؤدي إلى زيادة الضغوط السياسية على إسرائيل.

*كاتبة إماراتية