تزداد في الآونة الأخيرة التحذيرات من اتساع الصراع في الشرق الأوسط، وهي تحذيرات تجاوزت مراكز الدراسات والمحللين السياسيين، لتصل إلى دول بعينها، حيث نبهت الولايات المتحدة إلى الخطر المتزايد بسبب اتساع الصراع في المنطقة، كما حذر الاتحاد الأوروبي من أن مخاطر توسع الصراع شديدة للغاية. كما حذر مسؤولون في مجلس الأمن من التداعيات السلبية للصراع على مساعي «حل الدولتين». وهذه التحذيرات عبّرت عنها العديد من الدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة، وبدورنا في الإمارات فقد حذرنا من خطر اتساع الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، حيث تعمل الإمارات بشكل مكثف لضمان وقف إطلاق النار.

وأشار التحذير الإماراتي إلى مخاطر أن تستغل جماعات متطرفة الوضعَ لتعزيز أيديولوجياتها التي تؤدي لمزيد من العنف. التوسع في الصراع بدأ فعلاً، حيث انتقل إلى سوريا والعراق، بعد أن استهدفت ميليشيات «ذات ولاءات مختلطة» القوات الأميركية في سوريا والعراق، ما استدعى رد الولايات المتحدة ودخولها في الصراع الإقليمي بطريقة مباشرة. وتلك العمليات لم تقتصر على سوريا والعراق، بل انتقلت لليمن الذي كان في حاجة كبيرة لتحقيق الاستقرار لمساعدة شعبه المتضرر من صراعات طويلة، والمنهك، اقتصادياً وأمنياً، لكنه دخل في دوامة الصراع. الولايات المتحدة من جانبها حشدت دعماً دولياً في منطقة خليج عدن للتصدي لعمليات استهداف الملاحة الدولية، وكل ذلك مظهر لتوسع الصراع الحالي تجاه منعطفات جديدة.لا ننسى الجبهةَ الأكثرَ عرضةً للاشتعال وهي جبهة جنوب لبنان، حيث «حزب الله» المتأهب لدخول الصراع وإسرائيل التي تضع يدها على الزناد بانتظار أي خطأ من هنا أو هناك.

وعلى الرغم من حالة الفعل ورد الفعل والقصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل، فإنه حتى الساعة تظهر رغبة من الطرفين في منع تمدد الصراع وانفلاته، لكن لا توجد أي ضمانات من أي طرف، فسوء التقدير أو إرادة سياسية ما، تشعل تلك المنطقة التي ستكون بلا شكل برميل بارود سيهدد المنطقة برمتها. قد يشكل اجتياح رفح من قبل القوات الإسرائيلية مرحلةً جديدة من الصراع، تنقله إلى طور جديد أكثر عنفاً، لا سيما إذا أدى ذلك الاجتياح إلى دخول أطراف جديدة.

وحتى مصر التي تحاول جاهدةً الوصولَ إلى وقف إطلاق نار وعقد صفقات تنهي الصراع، قد تجد نفسها في موقف صعب إذا ما نُقلت الحرب إلى حدودها. أما الولايات المتحدة فحذّرت بدورها من آثار كارثية على مليون شخص في رفح، في حال تم الاجتياح دون إيجاد ملاذ آمن للمدنيين.

كما أن معظم الدول الأوروبية باتت تدعو لهدنة إنسانية فورية بهدف الوصول لوقف مستدام لإطلاق النار، وبدأت العديد من الأصوات تتعالى مطالِبةً بحماية المدنيين وإنهاء الحرب. لقد أصبح السلام حاجة ملحة وضرورية أكثر من أي وقت مضى، والدول الغربية تدرك أهمية التوصل لسلام عادل وشامل يفضي لحل الدولتين، بما يضمن إنهاء الصراع المتواصل منذ سنوات.

إن نهاية هذا الصراع هي الطريق لحماية المدنيين من كل الأطراف، وتحقيق الأمن للجميع، وتحقيق رفاه الشعوب، وذلك من خلال التركيز على النمو الاقتصادي والاجتماعي والصحي والعلمي، بدل الدخول في متاهات حروب لا طائل من ورائها، والمتضرر الوحيد هو المدنيين فقط. وتلك المصلحة ليست فقط لدول المنطقة، بل مصلحة عالمية تخفف من الصراعات التي لها تبعات اقتصادية وسياسية.. ولكل ذلك يجب العمل مع الأطراف الفاعلة والقادرة على التأثير لتحقيق نهاية لهذا الصراع.

*كاتب إماراتي