ما الذي أجبر العالم على التركيز على «حل الدولتين»، وإن كان من قبل موضوعاً على الطاولة لأكثر من عقدين على المستوى العربي في بيروت 2002، وأكثر من ثلاثة عقود فلسطينية مضت منذ «أوسلو»، وسحبت إسرائيل الاعتراف بوجود هذه الدولة؟إنها قناعة مشتركة بأن الحل النهائي يكمن في «حل الدولتين» أملاً في استقرار دائم وسلام شامل في المنطقة. 
وعندما تسارعت دقات ساعة العالم أجمع وقف «نتنياهو» شوكة في حلق الدولة الفلسطينية المأمولة، التي هي بالأساس الحل الجذري لوقف الحرب، رافضاً حتى مناقشة الموضوع من جِذره. وإمعاناً في ذلك وافق مجدداً على بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، رغم علمه بأن هذا الإجراء في حد ذاته، يزيد التوتر، ويصب الزيت على النار، ويباعد من الحلول المرتقبة. 
التفكير في مزيد من الاستيطان إجراء عملي يعطل ويؤخر أي مشروع لإقامة هذه الدولة المعلقة بالقبول الإسرائيلي لا العالمي كما نشاهد الآن رفع درجة قيامها لأعلى سقف!
لا بد لنا من معرفة الشروط الإسرائيلية لتحقيق هذا الإنجاز الموقت بـ«الحين»، أي في «اللازمن»؟! ففي ظل تعثر المفاوضات وتوقفها والتوترات الدموية التي تحدث، بات الحديث عن دولة فلسطينية يصطدم بتفاصيل حدودها، التي تظل رهينة للبؤر الاستيطانية، وضحية للمد الاستيطاني، وكأن المطلوب دولة غير معلومة الحدود.وفي ظل هذه المحاذير تتشبث السلطة الفلسطينية بشرطها الوحيد المتمثل في تطبيق القرارات الدولية لا غير ولا ضير!
والمشكلة هنا، بأن إسرائيل لا تعترف بهذه القرارات لأنها تفتقد لشرط الإلزام وخاصة من أميركا وهي الوحيدة القادرة على إجبارها إن أرادت، ولكنها لا تريد، لعدم وجود من يجبر أميركا للقيام بتلك الخطوة من أجل عيون السلام العالمي التي تتغنى به؟!
وفي خضم التطورات الأخيرة يبدو أن إسرائيل تبحث عن سلطة فلسطينية جديدة خالية من فيتامين «حماس» ومن جيل «عباس» !
وفي الوقت نفسه، تطالب السلطة بإصلاح الفساد الذي يقال إنه يطال هياكلها، ثم بالوحدة الوطنية السياسية قبل التفكير مجرد التفكير في دولة مستقلة بلا سيادة ولا إرادة، بل إدارة عليا من إسرائيل التي تريد فرض سلطتها العسكرية على «غزة»؟!
وأيضاً ممنوع منعاً باتاً دخول «السلاح» إلى الدولة الفلسطينية المرتقبة، التي لن يحميها أحد من اعتداءات إسرائيل، ما الداعي إذا من إقامة دولة بلا حماية من أحد ولا حتى من مجلس الأمن المحكوم والمقيد بـ«الفيتو» الأميركي وأتباعها المصابين بعمى المصلحة وليس بعين بصيرتها؟!
توقيت قيام الدولة الحلم حتى «حين» وليس في الأمر بضع سنين لكان بشارة، ولكن حتى ذلك «الحين» من يضمن عدم سريان التهجير «القسري أو الطوعي» أو طرد سكان «غزة»، أو الضغط من أجل ضم الضفة الغربية للأردن في صفقة تصفية للقضية الفلسطينية برمتها. هذا الواقع لا يسمح بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ولا إرادة، فضلاً عن الإدارة، ولا شبه دولة مشلولة؟!

*كاتب إماراتي