لا بد من الإقرار، بأن مصر هي الرئة التي تتنفس من خلالها غزة، لذا، فهي البوابة الرئيسية لإنقاذ أهل غزة إنسانياً واقتصادياً، ووجود اتفاقية سلام طويلة المدى لها مع إسرائيل، يجعلها قادرة على تخفيف الأعباء عن كاهل أهل غزة وممارسة الضغط على إسرائيل من أجل تمرير ما يقيم أود هذا الشعب ويحد من وطأة التداعيات الكارثية التي يتعرض لها، خاصة في هذه المحنة المهلكة لكل ما يدب على الأرض.
من هذا المنطلق فإن مصر في الواجهة بهذا الصدد، وتقوم بدور محوري لوقف هذا التدهور في أوضاع غزة، إلا أن: إسرائيل رفضت الجهود المصرية للتوسط في وقف التصعيد، لكن إسرائيل بدلاً من مراعاة اتفاقية السلام التي بينهما منذ أمد بعيد، ذهبت إلى دفع المزيد من أهل غزة نحو الحدود لإحداث شرخ أمني في جدارها الصلب وهذا ما صرحت به الخارجية المصرية، عندما أشارت إلى أن مصر تضبط حدودها بصورة كاملة ولديها القدرة على تأمينها. والدليل على ذلك في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي ذكر فيها: لم نتخذ قراراً بعد بشأن «السيطرة المحتملة» على المنطقة الحدودية في غزة مع مصر.
والمقصود ممر «فيلادلفي»، الذي يراد من خلاله الزج بسكان غزة وتكديسهم هناك، وهو ما يتعارض مع بنود اتفاقية «كامب ديفيد»، لأن هذه المنطقة وفقاً لهذه الاتفاقية ممنوع على إسرائيل التواجد فيها. 
ففي «وول ستريت جورنال»، توجد إشارات إلى أن إسرائيل أبلغت مصر نيتها إطلاق عملية عسكرية للسيطرة على محور «فيلادلفي» الحدودي. وسيتم في إطار هذه العملية إبعاد العناصر الفلسطينية من معبر «رفح» الواقع على المحور في أقصى جنوب قطاع غزة، وستسمح هذه الخطوة لإسرائيل باختراق الأنفاق في المنطقة ومنع أعضاء «حماس» من الخروج من غزة.
وفي هذا الصدد نفى مصدر مصري مسؤول «ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن وجود تنسيق مصري إسرائيلي، بشأن تدابير أمنية جديدة على محور فيلادلفي».ومن الواضح أن مصر حريصة على تأكيد ثوابتها في التعامل مع قطاع غزة من خلال رؤية متكاملة لا تقبل بتصفية القضية ولا تدخل في مساومات تتعلق بالحدود، وتدرك في الوقت نفسه، جيداً أن وقف إطلاق النار هو الخطوة الأولى لوقف التصعيد ومن ثم البحث عن حل دائم يتمثل في الدولة الفلسطينية. 
رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية يقول إن مصر رفضت الاستجابة أو الرضوخ لكل الضغوطات والمغريات المالية للقبول بتصفية القضية الفلسطينية أو التهجير القسري لسكان غزة خارج أراضيهم أو داخلها. وكذلك أضاف بأننا: ننفي مزاعم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بأن مصر مسؤولة عن منع دخول المساعدات إلى غزة، وأن معبر «رفح» مفتوح من الجانب المصري بلا انقطاع، ونطالب إسرائيل بعدم منع تدفق المساعدات والتوقف عن تعطيل دخولها بـ«حجة التفتيش». 
وأضرب مثلاً على كيفية التصرف الإسرائيلي أثناء عملية التفتيش التى تهدف إلى مزيد من الضغوط على الشعب الفلسطيني الذي يتلقى تلك المساعدات من جميع أنحاء العالم الحر، الأشقاء منهم والغرباء عنهم. فهناك ضغوط كبيرة على دخول المساعدات، التي تمر بعملية تفتيش لدى إسرائيل، وأحياناً تتم بعثرة المواد وإتلافها، حتى لا يستفيد منها أحد قبل وصولها إلى المستحقين. 
الأزمة تتفاقم إنسانياً، ومع مرور الوقت تصبح أكثر تعقيداً من الناحية الجيوسياسية، وهذا ما يدفع في اتجاه حل سريع يضمن استقرار المنطقة وإرساء أسس السلام. 

*كاتب إماراتي