بدأت أطراف جديدة في الانضمام إلى الدعوى المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948. وخلال الأسابيع المقبلة ستقرر محكمة العدل الدولية ما إذا كانت ستأمر باتخاذ تدابير وقائية مؤقتة، فيما قد تستغرق المحاكمة الرئيسية بشأن قضية انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية سنوات. وأعلنت الحكومة الألمانية عزمها التدخلَ كطرف آخر في مواجهة دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، حيث رفضت الحكومة الألمانية بشدة الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل متهمةً إياها بارتكاب «إبادة جماعية» في غزة، وحذرت من «الاستغلال السياسي» للتهمة، وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية: «في ضوء تاريخ ألمانيا.. تعتبر الحكومةُ الاتحادية نفسَها ملتزمةً بشكل خاص باتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية»، ووصفَ المزاعمَ ضد إسرائيل بأنها «لا أساس لها من الصحة على الإطلاق».

وتعتبر اتفاقية منع الإبادة الجماعية معاهدةً دولية، وبموجب المادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، يجوز لأي طرف في معاهدة متعددة الأطراف التدخل في نزاع يتعلق بتفسير المعاهدة، حيث تقدم الدولة المتدخلة إلى المحكمة تفسيرَها لأحكام المعاهدة المعنية من خلال البيانات المكتوبة وأيضاً في جلسات المرافعة الشفهية. ولا يُسمح للدولة المتدخلة سوى بالتعليق على تفسير أحكام المعاهدة، وليس على محتوى القضية نفسها، ويبدو مؤخراً أن تدخل دول أخرى في الدعاوى المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية أصبح أمراً شائعاً، ففي قضيتين أخريين تتعلقان باتفاقية منع الإبادة الجماعية، هما دعوى أوكرانيا ضد روسيا وغامبيا ضد ميانمار، انضمت دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا، إلى الإجراءات.

وقالت جنوب أفريقيا إن أكثر من 50 دولة أعربت عن دعمها لقضيتها ورفضت دولٌ أخرى بشدة قول جنوب أفريقيا بأن إسرائيل تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، إذ رفضت الولايات المتحدة الدعوى باعتبار أن لا أساس لها من الصحة، وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زيارة لإسرائيل قبل يوم من بدء إجراءات المحكمة، إن «مزاعم جنوب أفريقيا لا أساس لها» وإن القضية «تصرف انتباه العالم عن الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للصراع».

وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، أن الإبادة الجماعية «ليست كلمة يجب الاستخفاف بها، ونحن بالتأكيد لا نعتقد أنها تنطبق هنا». ووصفت المملكة المتحدة الدعوى بأنها غير مبررة، حيث علق وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، قائلاً: «نحن لا نتفق مع ما تفعله جنوب أفريقيا».

ومن جانبها اختارت سلوفينيا الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وأعلنت وزيرة خارجية سلوفينيا، تانيا فاجون، أن بلادها تعتزم الانضمام إلى الدعوى. وقالت الوزيرة، في بيان رسمي، إن «سلوفينيا قررت المشاركة بفعالية في الإجراءات وعرض مواقفها بشأن هذه القضية أمام محكمة العدل الدولية». وتعتزم سلوفينيا تقديم موقفها إلى المحكمة في 23 فبراير. كما أعلنت الأردن وبنغلادش أنهما ترغبان في الانضمام ودعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، ويتوقع صدور المزيد من إعلانات التدخل في القضية لصالح أحد جانبي الدعوى. ويبدو العالَم اليوم أكثر انقساماً أمام هذه القضية التاريخية التي قد تعيد تعريف مفهوم الإبادة الجماعية، إذ لا يمكن الحديث عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد لأكثر من 75 عاماً من دون الوقوع في التسييس، فالتجاذبات السياسية والمصالح ستنعكس حتماً على عملية الاصطفاف واتخاذ المواقف.

* كاتبة إماراتية