فوز الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بشكل ساحق في الانتخابات التمهيدية للحزب «الجمهوري» في ولاية أيوا يُعد إنجازاً ملحوظاً، حيث تفوق على جميع منافسيه بما في ذلك حاكم ولاية فلوريدا، رون دي سانتيس. ويبدو أن هذه النتيجة تأتي على عكس ما أظهرته استطلاعات الرأي، وهذا الانتصار يشمل تفوقه على السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي. قد يجعل هذا الفوز «الديمقراطيين» يتمنون لو فاز ترامب بفترة رئاسية ثانية، اعتباراً من 20 يناير 2021، وتجنبوا مواجهة كوابيس انتخابات هذا العام.

لو تمت إعادة انتخاب الرئيس ترامب لولاية ثانية، لكان من المتوقع أن يكون لدى «الديمقراطيين» فرصة للفوز في الانتخابات الحالية بسهولة، حيث كانوا سيستغلون أخطاء إدارته السابقة ويبدأون حملتهم بتقديم وعود بتقديم خدمات أفضل. ولكن الواقع الحالي يتطلب منهم المشاركة في حملة انتخابية صعبة ضد ملك الـ «ماغا» MAGA، وهي حملة ترامب التي يرفع خلالها شعار «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى». السؤال المهم هنا هو: من سيكون البديل للسيد ترامب في الدورة التمهيدية للحزب «الجمهوري» إذا لم يكن مرشحاً؟ الجواب يكمن في عدم وجود أي بديل، حيث يظل ترامب يحتفظ بشعبيته الكبيرة بين مؤيديه في الحزب «الجمهوري».

وبغض النظر عن محاولات وسائل الإعلام للتشكيك في شعبيته ونجاحه، فإنه قد حقق انتصاراً تاريخياً، متغلباً على الهجمات والقضايا الملفقة ضده، وفاز في ولاية كانت قد رفضته قبل ثماني سنوات. لقد حقق السيد ترامب فوزاً تاريخياً في ولاية أيوا، حيث تخطى حاجز الـ50%. ولم يتمكن المرشحون الآخرون، مثل رون دي سانتيس ونيكي هالي، من الوصول إلى نتيجة قريبة من نتيجة ترامب.

أما «فيفيك راماسوامي»، فقد انسحب من السباق الانتخابي وأعلن دعمه لترامب، ملتزماً بالدفاع عنه من الهجمات غير الدستورية والتدابير غير الديمقراطية المستهدفة من قبل «الديمقراطيين» الحزبيين، الذين يسعون إلى سجنه أو طرده من الانتخابات قبل نوفمبر.خلال المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا، لم يكن الإنفاق الكبير من قبل السيدة هيلي على الإعلانات ذا جدوى، حيث احتلت المركز الثالث بفارق كبير.

وعلى الرغم من ذلك، تم تعزيز أدائها بفضل الناخبين «الديمقراطيين» الذين قاموا بتغيير تسجيلهم الحزبي بشكل استراتيجي للتصويت لصالحها. يُعرف هذا التكتيك بـ«عملية الفوضى»، وهو أمر ليس غريباً في الانتخابات التمهيدية، حيث يقوم الناخبون بتغيير انتمائهم الحزبي لضمان فوز المرشح الأضعف في انتخابات الحزب المنافس لضمان فوز حزبهم. وفي الأسبوع المقبل، من المتوقع أن يستخدم الناخبون «الديمقراطيون» استراتيجية مماثلة في نيو هامبشاير، مما يعكس خوفهم العميق من مواجهة دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر المقبل.

ومما يزيد من حدة هذه التخوفات الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها الإدارة الحالية، على المستويين المحلي والدولي، والتي من المرجح أن تجعل السباق شديد التنافسية والتحدي. وبعد فوات الأوان، قد يجادل البعض بأن السماح له بالفوز في عام 2020 ربما كان خطوة أكثر استراتيجية.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.