نظراً لاقتراب موعد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ «COP28» في دبي نهاية نوفمبر الجاري. بات من المهم جداً أن يتجه العالم بشكل عاجل نحو النقاش حول مسألة حيوية تتعلق بالصحة والمناخ. هذا الموضوع الحيوي سيكون موضع تركيز خلال اليوم الافتتاحي لمؤتمر المناخ، باعتباره عاملاً أساسياً في التصدي لتحديات تغير المناخ. ترتبط أهمية هذا الموضوع بشكل كبير بالدول كافة، ولكنها تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث تواجه هذه الدول آثاراً مدمرة من تغير المناخ بالمقارنة مع غيرها.

إحدى أبرز التحديات التي تواجه تلك البلدان هي انتشار الأمراض الوبائية نتيجة لتغيرات المناخ، كتفشي الكوليرا بسبب الظروف الجوية القاسية، مثل الأعاصير.

وهذا يؤدي إلى تأثيرات جسيمة على الإمدادات الطبية الأساسية والبنية التحتية الصحية، مما ينبغي التركيز عليه خلال المؤتمر. تجد البلدان الفقيرة نفسها عرضة للعديد من التحديات عند مواجهتها لأي تغير مناخي، حيث تؤدي الظواهر مثل الأعاصير والفيضانات إلى فقدان جزء كبير من البيانات الصحية الحيوية.

هذا الفقدان يترك العديد من الأفراد بلا سجلات صحية، مما يعرضهم لمخاطر صحية عامة وأمراض محتملة. تقوم بعض البلدان في أفريقيا بتخزين البيانات الصحية للمرضى في جوازات السفر الصحية، لكن هذه الجهود غالباً ما تكون غير كافية، ولا يمكن أن تعوض عن ضرورة رقمنة البيانات الصحية، والتي لا تزال تفتقر إلى التوفر في تلك البلدان. إن عدم توفر رقمنة البيانات الصحية في البلدان الفقيرة يُعتبر مُشكلة كبيرة، تستوجب الحل، لأن رقمنة البيانات لا تقتصر على علاج المرضى في حالات الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ فحسب، بل تعد أيضاً منعطفاً مهماً في تطور الرعاية الصحية.

السجلات الصحية الإلكترونية تُمكِّن من استخدام كميات ضخمة من البيانات لتحليل الاتجاهات وبناء المعرفة، مما يُعزِّز جودة وفعالية الرعاية الصحية، ويُسهِّل التحضير الأفضل للتصدي لتفشي الأمراض في المستقبل. والأمر الأكثر أهمية هو الأثر بعيد المدى للرقمنة الصحية، حيث يُمكن استخدام هذه البيانات لتحديد الاتجاهات الصحية العامة وتوجيه الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية، وتطوير سياسات صحية فاعلة.

هذا يسهم بشكل كبير في التخطيط الاستراتيجي لمكافحة الأمراض المحتملة في المستقبل وتعزيز الاستعداد الصحي العام. استناداً إلى هذه الأسباب، من الضروري التركيز في اليوم الافتتاحي للمؤتمر الذي يناقش الصحة والمناخ على الأولويات التالية: أولاً، تحويل البيانات الصحية إلى سجلات صحية رقمية تصمد أمام أي كارثة مناخية، مثل الأعاصير أو الفيضانات، مما يحفظ توافر هذه المعلومات حتى في أسوأ الظروف الطبيعية.

ثانياً، رفع مستوى الوعي في المجتمع بتأثيرات الظواهر الجوية المدمرة وتأثيرها في الصحة العامة والأمراض التي تنشأ عنها، مثل الكوليرا والملاريا والبلهارسيا، بهدف تعزيز التأهب والوقاية. وأخيراً، التركيز على أهمية تنفيذ خطط الطوارئ، للتأهب والاستجابة والتعافي من الطوارئ الصحية والمناخية، لضمان الاستعداد الشامل والاستجابة الفعّالة في حالات الطوارئ المحتملة.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي