طه حسيب (أبوظبي)

في قطاع كينيجي بمنطقة موسانزي على بعد حوالي ساعتين بالسيارة من العاصمة كيغالي، تقع حديقة البراكين الوطنية شمال غرب رواندا، لكنها ليست مجرد حديقة عادية، بل مساحة تحتفي منذ عام 2005 بجمال الطبيعة، وتؤكد قيمة الاستثمار في الحياة البرية وضمان التنوع البيولوجي، ضمن رؤية يتم تطبيقها عبر السياحة البيئية المعززة للتنمية المستدامة في المجتمعات المحلية.

  • «كويتا إيزينا».. استثمار في حماية الطبيعة
    «كويتا إيزينا» تنطلق في حديقة البراكين الوطنية شمال غرب رواندا.

الحياة البرية في رواندا غنية ومتنوعة وتشكل تراثاً طبيعياً فريداً ذا أهمية كبيرة على الصعيدين الوطني والعالمي. ففي هذا البلد الواقع بشرق أفريقيا، تساهم موارد الحياة البرية بشكل مباشر وغير مباشر في الاقتصاد من خلال توليد الإيرادات وخلق الثروة. حديقة البراكين الوطنية في أقصى شمال غرب رواندا، تمتد على المنحدرات الشديدة لسلسلة جبلية رائعة. وهذا المكان يعد موئل الغوريلا الجبلية المهددة بالانقراض، وفيه تزدهر فسيفساء غنية من النظم البيئية الجبلية، كغابات الخيزران دائمة الخضرة والأراضي العشبية المفتوحة والمستنقعات.

الحفاظ على الطبيعة في رواندا ليس مجرد شعار، بل خطوات عملية، تهدف لحماية الأنواع المهددة بالانقراض، ففي «حديقة البراكين»، ومنذ 18 عاماً يتم الاحتفال بميلاد صغار الغوريلا الجبلية، ضمن فعالية عالمية تشارك في تفاصيلها شخصيات شهيرة من قطاعات متنوعة، لتصبح مناسبة سنوية، أطلق عليها الروانديون اسم «كويتا إيزينا»، كي تنتصر للتنوع البيولوجي، وتعزز أهمية حماية الحياة البرية، وتجعلها مصدراً للجذب السياحي ورافداً مهماً للاقتصاد. تم ابتكار «كويتا إيزينا» على غرار تقليد عمره قرون يقوم فيه الروانديون بتسمية أطفالهم بحضور العائلة والأصدقاء.

منذ عام 2005، بدأت رواندا رسمياً تسمية صغار الغوريلا الجبلية فيما أصبح احتفالاً عالمياً بالطبيعة، فمن خلال إعطاء اسم لصغار الغوريلا، نعطيها قيمة تستحقها بلا شك.

  •  أودري أزولاي المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»
    أودري أزولاي المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»

على سبيل المثال، اختارت أودري أزولاي المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»- اسم «الرمز» لتطلقه على إحدى الغوريلات الصغيرة لإظهار نجاح رواندا في تسخير قوة السياحة البيئية لدعم الحفاظ على الطبيعة، من خلال نمو أعداد الغوريلا الجبلية في حديقة البراكين الوطنية.

  • زوراب بولوليكاشفيلي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية،
    زوراب بولوليكاشفيلي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية

ومن جانبه اختار زوراب بولوليكاشفيلي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، اسم «المسؤولية» لإطلاقه على إحدى صغار الغوريلا لإظهار شخصية القيادة الرواندية التي تتحلى بالمسؤولية، وقد ضمنت هذه القيمة نجاح الحفاظ على الحياة البرية، وخاصة بالنسبة للغوريلا الجبلية.

  • «كويتا إيزينا».. استثمار في حماية الطبيعة
    برنارد لاما، حارس مرمى المنتخب الفرنسي السابق

برنارد لاما، حارس مرمى المنتخب الفرنسي السابق وحارس نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، اختار اسم «استدامة» ليطلقه على إحدى الغوريلات، وبرر هذا الاختيار لتسليط الضوء على نجاح نهج يتم على نطاق محدود، لكنه ذو قيمة عالية، تتبعته رواندا في سياحة الغوريلا والذي مكّن البلاد من تحقيق الربح من هذا القطاع بشكل مستدام.

«كويتا إيزينا» فرصة لتوجيه الشكر للمجتمعات التي تعيش حول حديقة البراكين الوطنية، ومجموعة كبيرة من المهنيين المتخصصين في البيطرة ونشطاء البيئة والقائمين على حراسة الحديقة.، وكانت المحصلة تسمية 374 غوريلا جبلية على مدى السنوات الـ 18 الماضية.

رسالة قوية تحملها الفعالية تتمثل في جذب اهتمام المجتمع بالحفاظ على البيئة، والإشادة بالتنوع البيولوجي الغني، والتذكير بمسؤوليتنا تجاه الكوكب.في الأول من سبتمبر الجاري، حلت «كويتا إيزينا» في نسختها التاسعة عشرة، ليجتمع عشاق الطبيعة في العالم عند سفوح حديقة البراكين الوطنية برواندا لتسمية 23 غوريلا جبلية صغيرة، إنه احتفال عالمي بجهود الحفاظ على البيئة وفرصة للإشادة بخطوات ملهمة يقودها المجتمع لحماية موائل هذا النوع النادر من الحيوانات البرية.

وتحظى هذه الفعالية السنوية باهتمام كبير على المستويين الرسمي والشعبي. جانيت كاغامي السيدة الأولى في رواندا، ترى أن «الغوريلا الجبلية تمثل أكثر من مجرد مصدر للسياحة أو الترفيه المغامر. بالنسبة لنا، فإن الغوريلا لدينا هي من الأوصياء على الطبيعة التي نعتز بها. وكانت جهود رواندا لحماية تنوعها البيولوجي متعددة الأوجه ومتعددة الأغراض. من الدعوة المحلية والدولية، إلى إنشاء وتوسيع المتنزهات الوطنية، وتقديم كل ما هو ممكن لتحقيق أفضل النتائج».

وعن هذه الفعالية تقول «كلير أكامانزي»، الرئيسة التنفيذية لمجلس التنمية في رواندا: «عندما نستثمر في الطبيعة، فإننا نستثمر أيضاً في أنفسنا لأن بيئتنا هي أساس اقتصادنا. ولهذا السبب تستثمر رواندا بكثافة في بناء صناعة للسياحة البيئية تعود بالنفع على شعبنا وكوكبنا على حد سواء. أدعو الجميع لمتابعة رحلات صغار الغوريلا حيث سيتم تسميتهم. فلتكن قصصهم شهادة حية على التزامنا اليوم».

من جانبها ترى ميكايلا روغويزانغوغا، رئيسة هيئة السياحة، مجلس التنمية الرواندي، أنه «منذ أن بدأت كويتا إيزينا، تمت تسمية 374 غوريلا جبلية صغيرة، وزاد عدد السكان في كتلة فيرونغا بنسبة 23%، وفقاً لأحدث تعداد. لم يكن هذا الإنجاز الرائع ممكناً من دون المجتمعات التي تعيش حول الحديقة، ودعاة الحفاظ على البيئة والباحثين المتفانين، بالإضافة إلى القيادة الحكيمة. هذا هو السبب في أن اليوم هو أيضاً احتفال بالقوة التحويلية للحفاظ على البيئة في المجتمعات المحلية».

وجمع حفل تسمية «كويتا إيزينا» الـ 19، الذي أقامته السيدة الأولى في رواندا، جانيت كاغامي، أسماء مرموقة وأصدقاء رواندا وضيوفاً مميزين وعشرات الآلاف من سكان المجتمعات المحيطة بحديقة البراكين الوطنية. تمت تسمية الغوريلا الصغيرة الـ 23 من قبل أبطال الحفاظ على البيئة ورموز المجتمع ونجوم الرياضة وقادة الصناعة والفنانين والمشاهير الدوليين، شارك في الحفل موسيقيون روانديون، وقام ما يقرب من 180 فناناً بتقديم فقرات متنوعة من شركة.

لكن من هم المشاركون في تسمية صغار الغوريلا خلال النسخة التاسعة عشرة من «كويتا إيزينا»؟

شارك في تسمية صغار الغوريلا كل من: أودري أزولاي المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»- وزوراب بولوليكاشفيلي الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UNWTO) - وهزاع القحطاني سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية رواندا، وأندرو ميتشل عضو البرلمان، وزير الدولة للتنمية وأفريقيا في وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية، المملكة المتحدة، سول كامبل أسطورة نادي أرسنال الإنجليزي لكرة القدم، وبرنارد لاما حارس مرمى نادي باريس سان جيرمان السابق ومنتخب فرنسا، وإنيزا أوموهوزا جريس المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Green Protector- ولاري جرين عضو مجلس أمناء «المؤسسة الأفريقية للحياة البرية»، و(البروفيسور أوزليم توريشي، دكتور في الطب، المدير الطبي، BioNTech SE بيونتيك إس إي، والدكتور سيرك بويتينج الرئيس التنفيذي للعمليات، BioNTech SE)، وكوين كاليمبينيا سائقة سيارة رالي ومدافعة عن المساواة بين الجنسين، أندرس هولش بوفلسن الرئيس التنفيذي، شركة Bestseller، - نيك ستون المدير الرئيسي، لشركة «وايلدرنيس» أكبر مؤسسة للسياحة البرية في أفريقيا.

  • إلفين إنيزا، تلميذ بالصف السادس الابتدائي في مدرسة ريجينا باسيس، بمنطقة موسانزي
    إلفين إنيزا،  أحدد المشاركين في الفعالية تلميذ  رواندي بالصف السادس الابتدائي
    ومن بين المشاركين:  جو شوندورف من رواد وادي السيليكون، وداناي جوريرا ممثل وناشط وكاتب مسرحي، والروائي/جوناثان ليدجارد، والممثل والمنتج نستون ديوك، وإلفين إنيزا، تلميذ بالصف السادس الابتدائي في مدرسة ريجينا باسيس، بمنطقة موسانزي حيث موقع حديقة البراكين، و(إدريس إلبا، OBE ممثل ومنتج وموسيقي، وسابرينا دهور إلبا الرئيس التنفيذي وعارضة الأزياء والناشطة وسفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة للصندوق الدولي للتنمية الزراعية)- المطربة الفرنسية بوكولا إليميد، سيريل بولوريه، الرئيس التنفيذي لشركة بولوريه، ويواكيم نوح لاعب كرة السلة في الدوري الأميركي للمحترفين، وإنوسنت دوسابيزو، حارس حديقة البراكين الوطنية في رواندا، وكيفن هارت ممثل كوميدي.