خطوة تلو الأخرى، تُرسِّخ دولةُ الإمارات أقدامَها في مجال الاستدامة، مستندةً إلى إرث ممتد الجذور كان رائده الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. ولم تقتصر رؤية دولة الإمارات على الاستدامة في القطاعات الاقتصادية والمجتمعية فحسب، وإنما اتّجهت نحو الاستدامة البيئية لتحقيق الريادة إقليميًّا وعالميًّا، وصولًا إلى تحقيق طموحاتها الكبيرة بحلول اليوبيل الذهبي الثاني للاتحاد من خلال «رؤية الإمارات 2071». تلك الرؤية التي تتبنّاها القيادةُ الرشيدة للدولة ويدعمها الشعب الإماراتي، تهدف إلى جعل الدولة واحدةً من أكثر الدول تطوّرًا في العالم، مع التأكيد على التزامها بأن تصبح رائدة عالميًّا في الاستدامة. ومن هنا أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، 2023 عاماً للاستدامة في دولة الإمارات، وأكَّد سموّه أن الاستدامة قضية جوهرية في المجتمع الإماراتي منذ القدم، وهذا هو أكبر تجلٍّ لما أولته وتُوليه الإماراتُ من اهتمام ورعاية لكلّ ما يسهم في تحقيق الاستدامة بمفهومها الشامل.

ومن ضمن خطوات الدولة واستعداداتها لاستضافة مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ في نسخته الثامنة والعشرين «كوب 28»، أعلنت جائزة زايد للاستدامة، تلك الجائزة العالمية الرائدة التي أطلقتها دولة الإمارات لتكريم حلول الاستدامة المبتكرة، عن استحداث فئة جديدة لـ«العمل المناخي»، ضمن رؤيتها لدعم رسالة الجائزة الهادفة إلى تحفيز إيجاد حلول مبتكرة تسهم في مواجهة تداعيات تغيّر المناخ وحماية الموارد الطبيعية.

من دور هذه الفئة الجديدة من الجائزة دعم مساعي الجائزة لتحفيز تطوير حلول مبتكرة لمواجهة المشكلات المناخية وتمكين المجتمعات من تعزيز المرونة المناخية، وما هي إلا خطوة من عشرات ومئات الخطوات التي تتخذها دولة الإمارات على مدى عشرات السنوات من أجل توفير بيئة وبنية تحتية مستدامة، ضمن أحد المحاور الستة للأجندة الوطنية لدولة الإمارات، التي تضمّ برنامجًا لتطوير العديد من المدن الذكية المستدامة، خصوصًا في أبوظبي ودبي. وخير دليل على ذلك إنشاء مدينة «مصدر» في أبوظبي، بوصفها من أكثر المجتمعات الحضرية استدامةً في العالم، لتكون مصدَر إلهام للباحثين والعلماء في مجال الاستدامة البيئية والاقتصادية.

وقد واكبت أبوظبي جميع متطلّبات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فاستحالت نموذجًا عالميًّا رائدًا في إعادة تأهيل موائل التنوع البيولوجي الفريدة، ما أهّلها لتكون محط أنظار المختصين في مجال البيئة والاستدامة.

ونجد أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يختار«برنامج إعادة تأهيل النظم البيئية الساحلية والبحرية» في أبوظبي، الذي تقوده «هيئة البيئة بأبوظبي»، ضمن أفضل عشر مبادرات عالمية لاستعادة وتأهيل النظم البيئية، وهو ما يؤكِّد اهتمام دولة الإمارات بحماية البيئة وتنوّعها البيولوجي.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.