الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وفرنسا.. تعاون استراتيجي وصداقة طويلة الأمد

الإمارات وفرنسا.. تعاون استراتيجي وصداقة طويلة الأمد
15 يوليو 2022 02:40

منى الحمودي (أبوظبي) 

تمثل العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا نموذجاً متميزاً للعلاقات الثنائية بين الدول، حيث تجمع البلدين علاقة صداقة طويلة الأمد وتعاون استراتيجي في مختلف المجالات، بذلت خلاله قيادات البلدين جهوداً كبيرة لتعزيز العلاقات الثنائية بما يحقق الشعبين الصديقين، حتى بات الارتباط بينهم جسر النجاح الاستراتيجي لجمهورية فرنسا في منطقة الخليج، حيث تأسست العلاقة منذ 1971 التي أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي حرص على ترسيخ الاحترام المتبادل والتعاون والمصالح المشتركة في علاقة دولة الإمارات بفرنسا.
وتشهد العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية فرنسا تطوراً مستمراً، وتتوسع هذه العلاقات لتشمل التعاون في المجالات كافة، والتي تحظى بالأولوية بالنسبة للدولتين، مما يؤكد على عمق الشراكة والعلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين، والتي تحرص الدولتان على جعل هذه العلاقات أكثر قوةً ومتانةً في السنوات المقبلة. وشهدت العلاقات الثنائية خطوة كبيرة نحو الأمام في السنوات الأخيرة، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية، وتتخطى العلاقات الثنائية الجوانب الثقافية، إلى القطاعات العسكرية والسياسية والتعليمية والقانونية والتعاون في مجال الآثار والطاقة، والسياحة، والقطاع الطبي، غيرها. 
وتحتضن دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر جالية فرنسية في بلدان الخليج العربي، وتضمّ أكثر من 25 ألف فرنسي مسجّلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج، ويوجد 60 ألف طالب يدرسون اللغة الفرنسية في الإمارات، ويشكلون 12% من مجموع طلبة المدارس. وشيدت دولة الإمارات 6 مدارس فرنسية يدرس فيها ما يزيد على 10 آلاف طالب.
وتعتبر فرنسا البلد المصنف في المرتبة الرابعة لاستقبال الطلبة الإماراتيين الدارسين فيها، وتضم دولة الإمارات العديد من المنظمات المجتمعية والمدارس والمطاعم والأكاديميات الفرنسية في جميع أنحاء الدولة. ويمكن لمواطني دولة الإمارات دخول فرنسا بدون تأشيرة ويسمح لهم بالبقاء فيها لمدة تصل إلى 3 أشهر.

القيم المشتركة
وتلتزم الدولتان بتعزيز العلاقات السياسية والتجارية بينهما بشكل مستمر، وذلك تقديراً وإيماناً بالقيم المشتركة للثقافة والحضارة والاقتصاد بين الإمارات وفرنسا. وقد أقرت دولة الإمارات وجمهورية فرنسا، في عام 2020، خلال الحوار الاستراتيجي الإماراتي الفرنسي السنوي، خريطة الطريق للعقد القادم 2020-2030 من خلال تحديد الطموحات والمبادرات المشتركة، لا سيما في القطاعات الرئيسة للتعاون الثنائي، مثل: الاقتصاد والتجارة والاستثمار، والنفط والغاز والطاقة النووية والمتجددة والتعليم والثقافة، والصحة، والفضاء والأمن. علاوة على ذلك، تلتزم الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا بتعزيز روح التعاون الدولي والسعي لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في جميع أنحاء العالم، وقد عملت الدولتان معاً على دفع عمليات السلام للمساهمة في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.

العلاقات السياسية
حرص المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» على توطيد العلاقة الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية فرنسا منذ قيام دولة الإمارات، وقررت حكومة دولة الإمارات في بدايتها الحصول على نظام دفاعي عسكري، والذي تم فيه اعتماد فرنسا إحدى الدول التي توفر هذا النظام. واقتصر الأمر في البداية على التعاون الأمني، والآن يشمل النظام مجموعة واسعة من الأنشطة، منها التعاون الثقافي والأكاديمي، ومشاريع مشتركة في مجال الطاقة المتجددة وغيرها.  وشهد البلدين زيارات متبادلة بين قادتها أسهمت بشكل كبير في الحفاظ على الحوار السياسي المكثف في جميع المجالات، وأسهمت الزيارات المتبادلة المنتظمة بين قيادتي البلدين وكبار المسؤولين فيهما، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية مباشرة بعد إعلان قيام دولة الإمارات في العام 1971، في تعزيز أوجه التعاون المشترك في جميع المجالات وتدعيم أواصر الصداقة بين الشعبين.

التعاون العسكري
من الناحية العسكرية، تفاوضت الإمارات العربية المتحدة وفرنسا على اتفاق تعاون دفاعي لتنويع مشتريات الإمارات من الأسلحة، وتعد فرنسا أحد المزودين الرئيسيين للعتاد العسكري لدولة الإمارات. ويعد التعاون الدفاعي بين الإمارات العربية المتحدة وفرنسا واسعاً ومتنوعاً، حيث تم تعزيز الاتفاق الموقع مع فرنسا في عام 1995، خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دولة الإمارات العربية المتحدة في 25 مايو 2009.
وتعتبر الشراكة بين البلدين استراتيجية حقيقية، وزادت في السنوات الأخيرة ضد خلفية إقليمية متغيرة تتزايد فيها عوامل عدم الاستقرار. وتعد فرنسا من أكبر الشركاء في الإمارات نظراً لطبيعة وعدد أنشطة التعاون، ويمتلك التعاون بين البلدين بُعداً عملياً كبيراً يغطي مجموعة واسعة من المجالات.

التعاون المشترك
في 8 نوفمبر 2017، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي والذي تجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار، الذي وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه «جسر بين الحضارات»، واستعانت الإمارات بالمهندس الفرنسي جان نوفيل لتصميم لوفر أبوظبي. وتم افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروج له فرنسا في الخارج. مع مجموعة تغطي جميع الحضارات والفترات، من العصر الحجري إلى العصر الحديث، وهو رمز الانفتاح على العالم والتسامح. ويعد مشروعاً ثنائياً استثنائياً من حيث هندسته المعمارية ومشروعه العلمي والثقافي، وله أهمية استراتيجية بالنسبة لفرنسا والإمارات العربية المتحدة.
وفي مؤتمر حول التراث الثقافي في حالات النزاع، الذي عُقد بأبوظبي في 2 و3 ديسمبر 2016، تم إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ALIPH) ، حيث ساهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار أميركي بالتعاون مع اليونسكو، كما ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس. علاوة على ذلك، ساهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر«فونتينبلو» بالقرب من باريس بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو، وبناءً عليه سمي المسرح باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «رحمه الله».
وتأسست جامعة باريس - السوربون أبوظبي عام 2006، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، كجزء من رؤية الإمارة لتعزيز القطاع الأكاديمي والثقافي، وهي جزء من استراتيجية «رؤية أبوظبي 2030»، وتمثل الجامعة اتفاقاً تاريخياً يحقق الرؤية المشتركة بين حكومة دولة الإمارات والحكومة الفرنسية لتحقيق أفضل المعايير في مجال التعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط، وتلتزم الجامعة بشكل مستمر بالمساهمة في رؤية أبوظبي المُتمثلة في تحويل الإمارة إلى مركز ثقافي وعلمي وتوسيع نطاق تواصلها مع الطلبة محلياً وعالمياً.
وشهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطورات مهمة في السنوات الأخيرة، وجرى في أكتوبر 2018، الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس ونتيجة لذلك، تم إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات تبث برامجها بمعدل 3 مرات في الأسبوع، وفي ديسمبر 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©