هناك إرهاب من نوع جديد، جاء مع الإعلام الرقمي الجديد والمشاع للجميع، ومن قبل الجميع، ومن خلال سرعة انتشار منصات التواصل الاجتماعي، وتوزع وصولها إلى أماكن في الجهات الأربع في أقل من ثوان معدودة، هو نوع من الإعلام غير المسؤول، وهو فردي في الأساس لا يمت بصلة لمرجعية موثوقة أو مكان يدل عليه، وهو نوع من الإعلام الشخصي الذي لم يكن يوماً حاضراً في الإعلام التقليدي المقروء منه والمسموع والمكتوب، إلا من خلال صحف ومجلات الابتزاز والفضائح وأخبار الجرائم البشعة وسير النجوم والمشاهير، والتي كانت مصدر رزقها الحقيقي وانتشارها، وهي ما كانت تسمى بـ «الصحف الصفراء» التي ساهم في تعميمها ونشرها في معظم الولايات الأميركية الناشر والصحفي «ويليام راندولف هيرست»، (1863- 1951)، وسبب تسميتها بالصفراء لأنها كانت تطبع على ورق أصفر رخيص أو كما عرفت فيما بعد بصحف «التابلويد»، نسبة لحجمها الصغير الشعبي، والذي يعتمد على الصورة  العارية، مثل صحف لندن، وهو حجم يختلف عن الصحف التقليدية التي تطبع بحجم كبير «Blanket Sheet»، وقد ظهرت عندنا نحن العرب في السبعينيات، وكعادتها لم تكن تبث من بلدانها، إنما تستغل سقف الحرية العالي في المهجر الأوروبي، وخاصة لندن والدول الإسكندنافية، وتنفث سمومها الزرقاء في سير الأشخاص والدول، وتلعب على وتر الشخصانية والأسرار الاجتماعية.
اليوم ظهر في الإعلام الرقمي والجديد، والذي لا يتمتع بمصداقية أو يستند لمرجعية أو يمكنه أن يظهر بوجهه الحقيقي، واسمه الحقيقي في كثير من الحالات، فحل بعضه محل الصحف «الصفراء والتابلويد»، وبدأ يمارس ضغوطه على المشاهدين والمتلقين، ويبتز الأشخاص في حالات، لكن همه الأول ابتزاز الدول والمؤسسات من خلال تهديدها بالنشر وباختلاق المواضيع وإثارة الفضائح المفتعلة أو أقلها الطعن في برامجها، وسير عملها أو انتقاد جهودها، ولأن لدينا الكثير من الموظفين المرتعبين من وظائفهم، وبسبب وظائفهم تجدهم يسترضون المغردين والمؤثرين، ويقدمونهم، ويقلطونهم في الصفوف الأمامية، باعتقادهم أنهم المغردون المؤثرون، وأنهم يمكن أن يرفعوا من قيمة الفعالية أو المناسبة أو الأشخاص القائمين عليها، لكن هذه الأمور لا تمشي كما تشتهي نفوس هؤلاء المغترين بالمغردين، ولا أحياناً نفوس المؤثرين المبتزين، وتسوء الأمور، ويبدأ المغردون بتشغيل أدواتهم وذبابهم أو قملهم الإلكتروني، ويبدو في المقابل خفقان قلوب المنظمين والموظفين موقنين بخراب مالطا، وأن مستقبلهم الوظيفي على المحك، وهنا.. يشتعل ويشتغل إرهاب التفاهة الإلكتروني.