هل تدرك ذلك الشعور الذي ينتابك وأنت تصارع شيئاً غير ملموس أو معروف، لا شكل له ولا هيئة، شيئاً يبدو مخيفاً جداً ومرعباً حد الموت ولكنك لا تعرف عنه شيئاً.
لا تبدو هذه العبارة منطقية، غير أنها واقعية جداً، ووصفتها الروائية الروسية (فيرا- مارجريتا أبانسيريف) في قصتها «شفافية الشر» بدقة غير متناهية تجعلك تلتفت حولك برعب مطلق، تكاد تختنق خوفاً من أن يكون ذاك الشر متلبساً في هيئة هواء قد يتسرب إلى رئتيك أو غبار يتسلل إلى جسدك عبر أصابعك.. كل شيء وارد وبشدة في ذات الوقت الذي قد يكون فيه نفس الشيء.. مستبعداً جداً. 
تدور أحداث القصة حول «بافلا» الفتاة العاملة في «كييف»، التي رافقت والديها المسنين في رحلة عودتهما إلى قريتهما «تروبانافيتشي» إحدى القرى الإحدى عشرة المحيطة بمنطقة الاستبعاد حول المفاعل النووي الروسي «تشرنوبل» - والتي تغطي مساحة تبلغ 2600 كيلومتر مربع - واعتبرت ملوثة بالإشعاع النووي في أعلى مستوياته.
لا تغطي القصة هذه التفاصيل العلمية، وإنما تلك المشاعر المثيرة التي اجتاحت الفتاة وهي تُقل والديها مجبرة تحت وطأة إلحاحهما للعودة لبيتهما في قريتهما الموبوءة مهما بلغ الخطر.
كانت هذه القصة ضمن مجموعة قصصية وصفت بأنها عمل مسؤول تجاه التاريخ الشخصي والجمعي. جاء هذا على الرغم من أن أعمالها لم تلق الشهرة المستحقة - حسب رأي النقاد - فقد كانت الأديبة «فيرا» - من مواليد منتصف القرن الماضي - لها موقف من الحزب الشيوعي دفعت ثمنه هذا التجاهل. 
تقول «فيرا» على لسان بطلة قصتها «بافلا» وهي تحاول أن تزحزح إصرار والديها للعودة معها إلى «كييف» وردهما بأنه لا تخافي علينا فلا يوجد شيء: «بالفعل لا أرى مطلقاً أي شيء.. لا يوجد أي شيء، بالفعل كان هذا أكثر ما يثير ضيقي، ألا أرى أي شيء، إن المسخ الذي بأي حال يشوه البشر كان بلا هيئة، بلا جسد ولا وزن، ولا حتى كان الهواء، لا يمكن رؤيته في أي مكان»!.