في إحدى زوايا المركز التجاري يبرز ركن جميل يحتله مقهى ياباني، منذ زمن طويل وأنا الزبون الدائم لهذا الحيز الجميل الهادئ. في أقصى المقهى توجد زاويتي المفضلة، كل صباح لابد من زيارة المقهى، لا أدري لماذا يتعلق الفرد بالطاولة والزاوية التي اعتادها؟ يضطرب حضورك وزمنك المخصص لقهوة الصباح، عندما يأتي أحدهم ويحتل المكان المفضل لديك أو ركنك الذي تشعر بالراحة والهدوء والسكينة فيه، وجمال وروعة أن تأخذ قهوتك أو تقرأ كتابك. رواد هذا المقهى يعرفون أمكانهم المفضلة، حتى النادل أيضاً يعرف الأصدقاء الدائمين أو الزبائن الذين لا يغيبون أبداً، عندما يحضر أحدهم ويحتل ركنك الجميل تضطر أن تعمل جولة في المركز التجاري، انتظاراً أن يخلي ذلك المحتل الزاوية المحببة لديك، هذا ما يحدث معي بين فترة وأخرى. يتعطل برنامجي القرائي، ويتأخر موعد القهوة، وعلى الرغم من وجود الكثير من المقاهي الجميلة في هذا المكان، إلا أنها لا تعادل هذا المقهى بالنسبة لي. 
المقاهي اليابانية لها خصوصية شرقية جميلة، حتى لو كل ما تقدمه مشابه لمعظم المقاهي العالمية وعلى الخصوص المشروبات الساخنة أو القهوة بأنواعها، لكن لها خصوصية في تقديم الشاي الياباني. وتوجد في المقهى بعض الحلويات اليابانية أو المشروبات الخاصة، ولكنها مثل المقاهي كافة، أهم ما تقدمه القهوة بأنواعها، تظهر في المقهى اللمسات اليابانية الجميلة، الديكورات الشرقية البديعة، ودقة اختيار الأدوات وترتيب الزوايا. 
كل المقاهي اليابانية تستعين بالعمالة الآسيوية وعلى الخصوص من الفلبين، ولكن يظل هناك شخص ياباني يراقب سير العمل والمحافظة على الخصوصية اليابانية في المكان، هؤلاء الشرقيون دقيقيون جداً في أعمالهم، وحريصون على أن يظل الطابع الياباني حاضراً دائماً مهما تنوع ما يقدم للزبائن من خدمات. صباحات ومساءات المقهى هذا الذي أقصده رائعة جداً، ولا يختل ترتيبه أو طابعه الجميل. عندما قرأت رواية الكاتب الروائي توشيكازو كواغوشي «قبل أن تبرد القهوة»، كان لديّ فضول أن أعرف هل المقهى الذي يتحدث عنه الكاتب في روايته هذه، يشبه أي مقهى ياباني خارج اليابان؟ يختلف المكان، ولكن المقهى يظل هو المقهى، وإن تغيرت طريقة عمله، يتحدث الكاتب، والرواية عن مقهى مشهور في اليابان، مقهى «دونا دونا» الواقع على سفح تل ها كوداته شمال اليابان، والمشهور بإطلالته الجميلة على ميناء ها كوداته. عمل روائي جميل، وتمجيد لروح المقهى، كل منا له مقاهيه المحببة، والكثير أصبح أسير المقهى في الصباح أو المساء. وأنا أيضاً لي قهوتي المعتادة في المقهى الياباني الذي أحبه.