إزاء مباراة العودة بالمملكة أرينا أمام الهلال المدفوع بقوة الكبرياء، لمسح آثار السقطة الموجعة باستاد هزاع بن زايد خلال جولة الذهاب، وقف مدرب العين هيرنان كريسبو أمام أمرين، أحلاهما مر.
أولهما، ألا يرمي لاعبيه في بئر لا قرار لها، إن وجههم للعب بدفاعية مطلقة، حتى لو كان الأمر يقتضي رص حافلتين أمام مرمى خالد عيسى، وثانيهما، ألا يحجب كثيراً هجومية العين، وهو يملك سفيان رحيمي الذي جلد الهلال بعد النصر، ويملك أيضاً كاكو وبالاسيوس.
كان على كريسيبو أن يزاوج بين بلوك نازل، وبلوك متوسط، فلا يترك فراغات بين الخطوط، وأن يجيد على فترات التحول من الحالة الدفاعية إلى الحالة الهجومية، وهو يعرف أن مجرد وجود سفيان رحيمي رأس حربة يثير الشغب، ويفعل بالدفاعات العجب، سيفرض على جيسوس مدرب الهلال ألا يحرك ثنائية الدفاع الأوسط، هو من ضحى بالمدافع السنغالي كوليبالي لبطئه في الملاحقة، على الرغم من ذكائه في المراقبة اللصيقة.
اختار مدرب العين أفضل الأسلحة التكتيكية الممكنة، قياساً بما يملك في ترسانته البشرية، ليجعل من رباعية الذهاب شفيعاً له، لكي يصعد إلى النهائي الرابع له في تاريخ دوري أبطال آسيا، وهي أن يزاوج بين المنظومة الدفاعية والمنظومة الهجومية، بحيث لا يعطي للهلال فرصة، لكي يضرب مثل الإعصار، أو أن يتدفق مثل الشلال، إذ برغم أنه كان محظوظاً جداً في اصطياد ضربة جزاء منحته هدف السبق بشكل مبكر، إلا أن العين أعاد بث حلقات الرعب التي بدأها في مباراة الذهاب، ليعادل إيريك النتيجة في توقيت جيد جداً، في المساحة الزمنية الملغومة التي كان بالإمكان أن تحطم كل المرايا، وتنشر الشك والشوك.
وعندما يأخذ الهلال من مدرجاته الزرقاء قوة الزلزال، ليزعزع صرح العين، ويقض مضجعه، معتمداً في ذلك على ترسانته البشرية القوية، كان لابد وأن يواجهه العين بذكاء كبير في تغطية المنطقة، وبنجاعة كبيرة في إخراج الكرات، وبالأخص الجرأة في تحريك الأشرعة الهجومية، برغم كل الرياح المعاكسة، وهكذا وجدنا العين يبصر كل أبواب التهديد ويوصدها، ويرصد على الفور كل النبتات الهجومية الهلالية ليحصدها، فعل ذلك ببطولية كبيرة على المستوى الدفاعي، فما أخطأ إلا نادراً، وفعله أيضاً بيقظة حارسه الرائع خالد عيسى الذي اجتث الهجمات الهلالية من دابرها، ثم فعله ثالثاً بأنه أرسل بعض الشهب الهجومية من التحركات المخيفة لسفيان رحيمي التي استنفرت كل الدفاع الهلالي. كان العين بحاجة لكي يتعلق برباعية الذهاب، وبها يقفز حاجز الهلال في نصف النهائي، إلى مباراة نموذجية دفاعياً وهجومياً، أتى بكل ذلك وأكثر في «المملكة أرينا»، لكي يضع بنفسجه عبيراً يختال في نهائي الأبطال، ولكي يحجب ولو مؤقتاً ضوء الهلال.