أما رجال الشرطة والدفاع المدني، فكل له غايته الإنسانية أولاً والوظيفية ثانياً، هؤلاء خبوا خباب الجياد، وصالوا تحت زخات المطر الهطول بقلوب كأنها الغيمة تخيم على مخاوف الناس، فتلهمها الطمأنينة، ولذلك كنت تتأمل وجوه الذين وجدوا أنفسهم في المشهد المطري ولا تشهد غير الابتسامة ولا ترى غير السكينة، لأنهم واثقون أنهم بأيدٍ أمينة ولا مناص من الاتكاء على عواتق الرجال الذين ارتدوا الواقيات الصفراء وشمخوا كالنسور يحددون المسارات ويوجهون باتخاذ الإجراءات السليمة ويحذرون من الخطر ويهيئون السائقين لقيادة أهدأ وأكثر رزانة ورصانة درءاً للأخطار التي قد تطرأ عندما لا يحاول السائقون تحاشي السير في الأماكن غير الآمنة.
حقيقة في هذا المشهد الطارئ في هذا الموقف الاستثنائي، تشعر أنك أمام اختبار عصيب فاز به رجالنا الأوفياء بجدارة وامتياز بمرتبة الشرف الأولى.
رحلة في الضمير شعرت أنها تومئ بإشارات واضحة وجلية بأن الإمارات محروسة برجالها، الإمارات كدُرٍ مكنون تختزنه قلوب أحبت قيادتها فعشقت الوطن وجعلته السقف والمهد، وجعلته الرمش والجفن، جعلته الطريق إلى المجد والمكان الأسلم لقلوب تحب أن يكون الحب نخلة وارفة الظل، سخية وفية عطية رخية، تعوم في سجايا الإرث الطيب، وتغوص في ثنيات التاريخ العريق لبلد أسس بنيانه قائد من نوع استثنائي، على نهجه القويم تمضي القيادة الرشيدة في ترسيخ البناء وتجذير البيان.
وهكذا وطن لا جزع فيه ولا فزع، بل إن القلوب مواكب مطمئنة، والعقول مراكب تمضي بالمستقبل نحو مرافئ الأمان، هكذا الوطن يحق لنا أن نقول عنه إنه الخيمة التي لن تهزها ريح ولن تحرك أعمدتها تباريح، هكذا وطن يستحق أن يكون في الاستثنائية نجم تدور في فلكه الكواكب، هكذا وطن رجاله شهب وأطفاله جمل ناصعة تملأ الصحائف والكتب، هكذا وطن لا نخاف عليه من رياح ولا جراح لأنه للرياح سد منيع وللجراح مصل أصيل، وكل ما يجيش في الخواطر هو أن الإمارات ستبقى دوماً حضناً دافئاً لأبنائها، وذراعاً ممدوداً للصديق والشقيق، ولن تتوقف يد الإمارات عن العطاء، لأن العطاء هو الثابت في عرف بلدٍ رسمها زايد الخير كفضيلة مستدامة لا تتوقف غيمتها عن أمطار العالم بالخير، ولا يتوقف أبناؤها عن تقديم كل ماهو يضيف إلى جمال الأخلاق جمالاً، ويزيد من ضوء القمر ضوءاً.
حفظ الله الإمارات من كل سوء، وحمى أبناءها من حقد الحاقدين وعين الحاسدين.
الإمارات أصبحت اليوم لغة عالمية في الفضل والفضيلة، ولا ينكر الفضل إلا كل جاحد جاهل، ولا يغترب عن الفضيلة إلا كل من نشأ في غابة التوحش.