تفشت في الآونة الأخيرة في بعض الجهات والمؤسسات الخدمية ممارسة غير صحية، ولا تتفق مع أبسط مظاهر الحرص على خدمة وإسعاد المتعاملين وتحقيق الاستفادة والغايات السامية من التحول الرقمي، بعد أن أحالت مراجعيها لمكاتب «تسهيل» والطباعة المنتشرة، والتي أصبحت تتولى إرسال الطلبات للفئات غير المتمكنة من التعامل مع التقنيات الحديثة والتطبيقات الذكية، ويُنظر إليهم على أنهم «أميون رقمياً».
ترفض تلك الجهات استقبال المراجعين مباشرة، وتصر على الطلب منهم التعامل مع موظفي مركز الاتصال الذين لا يملكون إجابات وافية عن بعض استفساراتهم، ومما يزيد من معاناتهم رفض الموظف المختص الرد هاتفياً على المراجع، والطلب منه إرسال استفساراته عبر البريد الإلكتروني (إيميل)، وهي استفسارات مهمة وتساؤلات لمعرفة سبب رفض هذه المعاملة أو تلك مما يتسبب في تأخر إنجازها وتعطيل مصالح صاحبها من دون مبرر، بعضهم يتحدث عن أسابيع انتظار لإجراء يفترض إنجازه في يومي عمل على أكثر تقدير.
بعض هذه الجهات تعد واجهة لاستقطاب الأعمال وتسريع تنفيذ معاملات جمهورها، ومع هذا تهيمن عليها العقلية الجديدة السائدة«إيميلنا وإيميلكم» بعد أن ودعنا حقبة «كتابنا وكتابكم».
التحول الرقمي الواسع الذي شهدته غالبية الجهات محل تقدير واعتزاز المتعاملين الذين سعدوا بما أسهمت فيه التطبيقات الذكية ومنصة «تم» من اختصار كبير في الوقت والجهد، وتابعنا حرص جهات عدة على الوصول بخدماتها إلى بيوت كبار المواطنين وأصحاب الهمم تأكيداً على ضرورة الدفع بمستوى الخدمات المقدمة لآفاق غير مسبوقة من أجل خدمة وإسعاد المتعاملين.
أهداف سامية حاضرة دائماً في «لقاءات قيادات الدوائر» أو «برنامج أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد» على سبيل المثال، والذي نحتفل بمرور عام على إطلاقه، معان جليلة تحمل نفساً وروحاً لا يستوعبها موظف قابع خلف جهاز الكمبيوتر غير مدرك لحجم الإنفاق والاستثمار في تطوير الأداء والارتقاء به، وعديد الدورات والاجتماعات وجلسات العصف الذهني التي عُقدت من أجل الوصول إلى دورة عمل متكاملة تتميز بالمرونة والسهولة والسرعة، ليس فقط لخدمة المتعامل، وإنما إسعاده، ليأتيك ذلك الموظف، وبكل بساطة، ليحيل أمراً من صميم اختصاصه ليرد فيه «نيابة عنه» موظف مركز الاتصال، بينما هناك تفاصيل يحتاج إليها المراجع ليعرف سر تعطل معاملته، وعدم تمريرها للمرحلة التالية ضمن مراحل إنجازها، ويطلب بكل بساطة من صاحبها إرسال«إيميل» وانتظار الرد الذي قد يطول ريثما يتكرم وينظر في الأمر.