لبِنة جديدة أضافتْها الإمارات مؤخّراً إلى بنيان الأخوّة الإنسانية في المنطقة والعالم، بتدشين «بيت العائلة الإبراهيمية»، في مبادرة تمثّل رسالة سلام وأمل جديدة، مفادُها أنّ الأخوّة والتسامح والتعايش مبادئ تتشاركها الأديان، التي جاءت بالأساس لإسعاد البشرية لا لشقائها.
ثلاث دور للعبادة، تتجاور المكان، وتتساوى في الحجم، وتشير في الوقت نفسه إلى حقيقة ثابتة، هي: أن الديانات الثلاث أصلها واحد، وأنّها لم تكن أبداً بريداً للعداء أو مدعاة للاصطدام أو العداء.
كان لافتاً في طريقة البناء أنّها حافظت على الطابع الفريد لكل دين، بل وعززت من خصوصيته، في إشارة إلى أن المبادئ والقيم المشتركة لا تعني بأي حال المساس بخصوصية الأديان أو العقائد أو الشعائر.
وكما كانت «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي خرجت من بلادنا للعالم انعكاساً لوجهنا الحضاري وثوابته التي تتمسك بآفاق التواصل الراقي وتتشبث بالمسار الإنساني.. يأتي «البيت الإبراهيمي» كتطبيق عملي لبنودها، ونتيجة مباشرة لنهجنا الشجاع والجريء الذي آثر أن يدشّن واقعاً ومستقبلاً أفضل للأجيال.
ننظر إلى البيت الإبراهيمي على أنه أحد الشواهد الحية التي تؤكد أن العيش المشترك في بلادنا أصبح مشهداً عفوياً لا تخطئه عين، وأنه رسالة إماراتية للعالم بأهمية التطلع لمستقبل مليء بالقيم الإيجابية في أجواء من الثقة والحوار والتواصل، بمنظور إنساني يكسر الحواجز ويرتكز على التعاون والتلاقي لا الصراع والتناحر.
وكما كان التسامح قيمة متجذرة في الوجدان الإماراتي، يأتي الصرح الجديد ليزيد هذه القيمة رسوخاً، وذلك المشهد زخماً، ويمنح الدول والمجتمعات والنخب الفكرية الإلهام بالقيم الإنسانية التي تحضّ على التآخي والتعاون بين بني البشر، وتحث على عمارة الأرض، وصلاح الكون، وبناء الجسور والتلاقي، وتغليب المصالح المشتركة على النعرات الدينية.
سيرتفع بنيان التآخي الإنساني في بلادنا كل يوم، وسيتعمّق اعتدالنا وتسامحنا وخطابنا العقلاني، بعد أن أدرجنا رؤاه ومفاهيمه وثقافته في مناهجنا الدراسية وفي خطابنا السياسي والإعلامي، لنقوم بواجبنا تجاه الإنسانية، ولتبقى الإمارات مركزاً عالمياً للأخوة الإنسانية.